هناك دائمًا مرة أولى لارتكاب أي حماقة .
وزواجي يا سيدي كان هو حماقتي الأولى في هذا المجال !
بهذا الاعتراف بدأ الزوج حديثه معي، ثم قال معقبًا : بالرغم من ضرورة أن نتعلم من أخطاء الآخرين، فالزواج من نوع الأخطاء التي يجب أن تذوق مرارة ندمها بنفسك، ومهما أخبرك الآخرون عن خطورته فالغرور يجعل كل واحد منا يظن أنه سيكون الاستثناء الذي سيخرج على القاعدة!!.
عندما قررت الزواج كنت أرى حبيبتي أرق من نسيم الصباح ، ألمح في عينيها شحنة أمل تكفي لإعمار الأرض بأكملها، حينما كانت تبتسم تخرج الطيور من أعشاشها ظانة أن الشمس قد أشرقت وأن موعد الغناء قد حان .
ولا أدري ما الذي حدث بعدما ضمنا بيت واحد، وصرنا شركاء فراش، لم تعد هي هي ، وأنا ـ كما أخبرتْنِي ـ لم أعد أنا !! .
إنها على ما أعتقد .. لعنة الزواج !! .
* * *
مـــراحل الحـــــب لسبب أجهله يظن المرء أن انبهاره بحبيبه سيظل حيًا مشتعلاً، منذ النظرة الأولى، وحتى آخر العمر ، وأي شيء يخالف ذلك فمعناه أن الحب يخفت و يختفي .. ويموت!.
ومع أن للحب أطوارًا ومراحل، فإننا نتجاهل هذا، ونحاول بشتى السبل أن نتعلق بأعلى نقطة في منحنى الحب ، ونأبى التماشي معه ومسايرته.
نرفض أن نواكب تطورات الحب، وأن نتعامل معه بشكل عملي .
أطوار الحب :
تعال لأخبرك بخطة الحب كاملة، بدءً من اللحظة التي خفق فيها قلبك بشدة معلنًا أن ما كنت تنتظره قد حدث، إلى تلك اللحظة التي حمل فيها المأذون أوراقه بابتسامته المشفقة التي تخبرك ـ وأنت غير مدرك! ـ أن موعد رجوعك عن الحماقة قد فات!.
المرحلة الأولى :عندما يطرق الحب باب قلبك تلك اللحظة التي نفتح له الباب على مصراعيه وندعوه للدخول، نرى الحبيب حينها أشبه ما يكون بالملائكة، نرفض أن نراه بشريًا، فهو المخلص، الحنون، الرقيق، الذي لا يُضمر سوءً أو شرًا لأحد، ولا يُخطيء أبدًا!.
يصف المفكر و الروائي الفرنسي "مارسيل بروست" هذه المرحلة بأنها "مرض الحب"! لأنها تثير في أعماقنا صراعًا بين ذكائنا الواعي وإرادتنا الوضيعة ! ـ على حد قوله ـ ففي لحظات التعقل القليلة نستطيع أن نرى من نحب كما يراه الآخرون على حقيقته، وفيما عدا هذه اللحظات فنحن نعجز أن نراه إلا متأثرين بمشاعرنا تجاهه أو رغبتنا فيه، فلا نعرف على وجه الدقة هل هو جميل أم قبيح، نبيل أم مخادع، وكل ما نعرفه أننا في حاجة إليه وهنا يكمن سر مرضنا.
ما إن نرى الحبيب حتى تضطرب درجة حرارة أجسادنا، نشعر بأحشائنا وهي ترفرف، يخفق القلب بشدة ، ويتملكنا شعور لذيذ غريب ونحن نراه مقبلاً يتهادى في دلال .
المرحلة الثانية :محاولة إغلاق القلب عليه عندها نعمل جهدنا لاستدعاء الشواهد والبراهين التي تؤكد أن هذا الحبيب ـ دون كل البشر ـ هو من يبحث عنه القلب منذ أن خفق لأول مرة، في هذه المرحلة نكون على استعداد لتحدي العالم أجمع إن شعرنا بأن هناك ثمة محاولة لإخراج من نحب من بوابة القلب.
نحاول وقتها البحث عن الأمور المشتركة ( الهوايات ـ الأيديولوجيات ـ التعليم ) ونعمل على تأطير الحسنات وتكبيرها، مع غض الطرف عن السلبيات ومحاولة إخفائها حتى لو عن أعيننا نحن !! .
المرحلة الثالثة : استبصار المحبوب وفيها يطرق العقل باب القلب ويدخل عنوة ليجلس على طاولة الحب ويدلي بدلوه في أمر هذا المحبوب، هنا يقول القلب : "حبيبي أحن من في الوجود، فيرد العقل في هدوء : لكنه عصبي!"، ينفعل القلب مؤكدًا أنه جميل كالبدر ، فيخبره العقل بأنه متردد، يحاول القلب إثبات أنه رومانسي ، فيجيبه العقل بأنه لا يملك قوت يومه ، وليس لديه ما يقيم به بيتًا !".
بعد هذه المجادلات ينتهي الأمر إما بانتصار العقل أو فوز القلب، إما بهيمنة المشاعر أو امتلاك المنطق زمام الأمور .
قصص حب كثيرة تنتهي عند هذه المرحلة، خاصة إذا كان العقل والمنطق يؤكدان على أن الظروف ليست مثالية للارتباط، وقد ينفطر فؤاد المرء ويبكي دمًا، حتى وإن كان هو نفسه صاحب قرار الانفصال.
إن التوازن في هذه المرحلة جد مهم، ويجب أن يختار القلب ويؤيد العقل، وألا ينفرد أحدهما بإصدار قرار ربما يتحمل الجميع تبعاته فيما بعد .
المرحلة الرابعة :إغلاق باب القلب .. وباب البيت هذه المرحلة الأخيرة، والتي يتم فيها توثيق العلاقة بوثاق أبدي، لقد تزوجتما وستستمران متجاورين حتى آخر العمر، أصبحتما كيانًا واحدًا، وهذا منتهى أمل كل عاشقين على وجه الأرض .
ولكــــن .. دائمًا ما تحدث صدمات، كصدمة صاحبنا الذي يرى الزواج أكبر حماقة ارتكبها في تاريخه وأخطرها أثرًا!.
تحدث هذه الصدمات في الغالب حينما يرفض أحد الزوجين ـ أو كلاهما ـ التعايش مع مراحل وأطوار الحب بالشكل المنطقي الملائم، فيظل أسيرًا لمرحلة النظرة الأولى بكل سحرها وقوتها، ومع أنه قد أصبح في طور المسئولية، إلا أنه ـ بحجة الرومانسية ـ يحاول العيش في هذه المرحلة وحدها!.
ولا يمكن أن تظل الأمور على حالها الأول بالطبع، والحب لم يذهب كما نظن لكنه تطور وغيّر جلده ليناسب المرحلة الجديدة، وبدلاً من أن يكون في ارتعاشة اليد وخفقان القلب وحسب، صار دافعًا للعمل والجد والكفاح من أجل توفير حياة كريمة لمن نحب، وتضحية وإيثارًا لشريك العمر.
ومع أن للحب أطوارًا ومراحل، فإننا نتجاهل هذا، ونحاول بشتى السبل أن نتعلق بأعلى نقطة في منحنى الحب ، ونأبى التماشي معه ومسايرته.
نرفض أن نواكب تطورات الحب، وأن نتعامل معه بشكل عملي .
أطوار الحب :
تعال لأخبرك بخطة الحب كاملة، بدءً من اللحظة التي خفق فيها قلبك بشدة معلنًا أن ما كنت تنتظره قد حدث، إلى تلك اللحظة التي حمل فيها المأذون أوراقه بابتسامته المشفقة التي تخبرك ـ وأنت غير مدرك! ـ أن موعد رجوعك عن الحماقة قد فات!.
المرحلة الأولى :عندما يطرق الحب باب قلبك تلك اللحظة التي نفتح له الباب على مصراعيه وندعوه للدخول، نرى الحبيب حينها أشبه ما يكون بالملائكة، نرفض أن نراه بشريًا، فهو المخلص، الحنون، الرقيق، الذي لا يُضمر سوءً أو شرًا لأحد، ولا يُخطيء أبدًا!.
يصف المفكر و الروائي الفرنسي "مارسيل بروست" هذه المرحلة بأنها "مرض الحب"! لأنها تثير في أعماقنا صراعًا بين ذكائنا الواعي وإرادتنا الوضيعة ! ـ على حد قوله ـ ففي لحظات التعقل القليلة نستطيع أن نرى من نحب كما يراه الآخرون على حقيقته، وفيما عدا هذه اللحظات فنحن نعجز أن نراه إلا متأثرين بمشاعرنا تجاهه أو رغبتنا فيه، فلا نعرف على وجه الدقة هل هو جميل أم قبيح، نبيل أم مخادع، وكل ما نعرفه أننا في حاجة إليه وهنا يكمن سر مرضنا.
ما إن نرى الحبيب حتى تضطرب درجة حرارة أجسادنا، نشعر بأحشائنا وهي ترفرف، يخفق القلب بشدة ، ويتملكنا شعور لذيذ غريب ونحن نراه مقبلاً يتهادى في دلال .
المرحلة الثانية :محاولة إغلاق القلب عليه عندها نعمل جهدنا لاستدعاء الشواهد والبراهين التي تؤكد أن هذا الحبيب ـ دون كل البشر ـ هو من يبحث عنه القلب منذ أن خفق لأول مرة، في هذه المرحلة نكون على استعداد لتحدي العالم أجمع إن شعرنا بأن هناك ثمة محاولة لإخراج من نحب من بوابة القلب.
نحاول وقتها البحث عن الأمور المشتركة ( الهوايات ـ الأيديولوجيات ـ التعليم ) ونعمل على تأطير الحسنات وتكبيرها، مع غض الطرف عن السلبيات ومحاولة إخفائها حتى لو عن أعيننا نحن !! .
المرحلة الثالثة : استبصار المحبوب وفيها يطرق العقل باب القلب ويدخل عنوة ليجلس على طاولة الحب ويدلي بدلوه في أمر هذا المحبوب، هنا يقول القلب : "حبيبي أحن من في الوجود، فيرد العقل في هدوء : لكنه عصبي!"، ينفعل القلب مؤكدًا أنه جميل كالبدر ، فيخبره العقل بأنه متردد، يحاول القلب إثبات أنه رومانسي ، فيجيبه العقل بأنه لا يملك قوت يومه ، وليس لديه ما يقيم به بيتًا !".
بعد هذه المجادلات ينتهي الأمر إما بانتصار العقل أو فوز القلب، إما بهيمنة المشاعر أو امتلاك المنطق زمام الأمور .
قصص حب كثيرة تنتهي عند هذه المرحلة، خاصة إذا كان العقل والمنطق يؤكدان على أن الظروف ليست مثالية للارتباط، وقد ينفطر فؤاد المرء ويبكي دمًا، حتى وإن كان هو نفسه صاحب قرار الانفصال.
إن التوازن في هذه المرحلة جد مهم، ويجب أن يختار القلب ويؤيد العقل، وألا ينفرد أحدهما بإصدار قرار ربما يتحمل الجميع تبعاته فيما بعد .
المرحلة الرابعة :إغلاق باب القلب .. وباب البيت هذه المرحلة الأخيرة، والتي يتم فيها توثيق العلاقة بوثاق أبدي، لقد تزوجتما وستستمران متجاورين حتى آخر العمر، أصبحتما كيانًا واحدًا، وهذا منتهى أمل كل عاشقين على وجه الأرض .
ولكــــن .. دائمًا ما تحدث صدمات، كصدمة صاحبنا الذي يرى الزواج أكبر حماقة ارتكبها في تاريخه وأخطرها أثرًا!.
تحدث هذه الصدمات في الغالب حينما يرفض أحد الزوجين ـ أو كلاهما ـ التعايش مع مراحل وأطوار الحب بالشكل المنطقي الملائم، فيظل أسيرًا لمرحلة النظرة الأولى بكل سحرها وقوتها، ومع أنه قد أصبح في طور المسئولية، إلا أنه ـ بحجة الرومانسية ـ يحاول العيش في هذه المرحلة وحدها!.
ولا يمكن أن تظل الأمور على حالها الأول بالطبع، والحب لم يذهب كما نظن لكنه تطور وغيّر جلده ليناسب المرحلة الجديدة، وبدلاً من أن يكون في ارتعاشة اليد وخفقان القلب وحسب، صار دافعًا للعمل والجد والكفاح من أجل توفير حياة كريمة لمن نحب، وتضحية وإيثارًا لشريك العمر.
إن الزواج يصبح حماقة كبرى لهؤلاء الذين لا يدركون كنه التطورات التي تنتاب القلب، والمراحل التي يجب المرور بها من أجل الحياة مع من نحب .
لعلك تدهش من قصص الحب المشتعلة التي تنتهي بالزواج ويظن الجميع أن قد دانت الجنة لكلا العاشقين، فإذا بهما يفجعانك بعد سنوات قليلة ـ وربما أشهر !ـ بخبر انفصالهما .
هل ما ذكرناه يعني أن الرومانسية تنتهي بانتهاء المرحلة الأولى، وأن الزواج يصبح خاليًا منها ؟ .
قطعًا هذا غير صحيح، الرومانسية تظل في القلوب على الدوام ما دمنا حريصين على الاعتناء بها، واستشعار مسئوليتنا تجاهها، لكن ما أقصده أن المرحلة الأولى للحب تكون بطبيعتها ساحرة، خاطفة، مبهرة، يساعد على استغراقنا فيها عدم وجود مسئوليات كبرى يمليها هذا الحب، أما بعد الزواج، فنحن قادرون على الحفاظ على هذا الحب حيًا منتعشًا على الدوام ولكن برزانة وحكمة أكبر، فهو يحتاج ـ كي نحافظ عليه ـ لامتلاك رؤية واسعة تؤهلنا لكشف أطوار الحب ومعرفة أين نحن بالضبط منه، والأهم من ذلك ما الذي يلزمنا فعله كي نتعامل بشكل ملائم مع كل مرحلة