الجمعة، 26 ديسمبر 2008

الذكاء وحده لا يكفي


أنت لست نابغة ..؟

ولم تحصل على تقدير ممتاز عند التخرج ..؟؟

لم يسكن اسمك قط في قائمة الموهوبين دراسياً ..؟؟

لا عليك .. أنا مثلك تماما يا صديقي !! .

وفوق هذا كنت وحتى وقت قريب أرى أن الأذكياء فقط هم السعداء ، وأنهم لا غيرهم من يحق لهم الارتقاء الوظيفي ، والحصول على السيارة الفارهة والمسكن الواسع ، والزوجة المخلصة الوفية !!

لكنني وبقليل تأمل وتدبر ، علمت كم كنت واهم مخدوع .

فكم من نابغة ضاع نبوغه أمام ضعف همته ، وكم من عبقري وأدت عبقريته خسة الطموح.

كثرهم الأذكياء الذين تحاصرهم التعاسة ، ويقوضهم الخوف والرهبة ....

الأربعاء، 10 ديسمبر 2008

أكثر 10 ممارسات رومانسية تحبها النساء ويهملها الرجال

( مع لمسة حب فإن الجميع يصبحون شعراء).. أفلاطون

واهم من يجزم بأنه لم يولد رومانسيا .. ومسكين من يدعي أن غلظته واقع لا يمكن تغييره ..

كلنا مع قليل من السلوكيات العاطفية .. نصبح عشاقا ..!!

10 ممارسات رومانسية تحبها النساء .. ويهملها الرجال..


1) أشعرها دائما أنها في دائرة حياتك : وأنها أهم من العمل والأصدقاء ، إن من أخطائنا نحن الرجال أننا نظن أن الاهتمام بالعمل والتفاني فيه لدرجة الانتحار شيء يعجب الزوجة ويدلل على حبنا لها ، والحقيقة أن الزوجة قد تقدر لك تفانيك في عملك ، لكنها لن تغفر لك إن كان هذا على حساب علاقتكما .

2) اجعلها مستودع أسرارك : أو على الأقل تشعرها بذلك ! ، فشاركها معك في أسرارك ، أخبرها عن طموحاتك المستقبلية في العمل والحياة ، اجعلها تشاركك أحلامك وطموحاتك .. وجزء من أسرارك ! .

3) إذهب معها إلى أماكن التسوق : بالرغم من يقيني بصعوبة هذا الأمر ، إلا أن التجربة أثبت أنه يعني الكثير والكثير بالنسبة للمرأة ، أعلم أنك لا تملك الوقت الذي يجعلك تهيم في الأسواق والمحلات مع زوجتك ، لكن اعتبرها عزيزي الزوج شيئا من التضحية ! .

4) لا تنسى المناسبات : تاريخ مولدها ، ذكرى زواجكما ، تاريخ ميلاد الأولاد ، قد لا تعني لنا ـ نحن الرجال ـ الكثير ، لكنها لو تعلم أشياء مقدسة بالنسبة لهن ، تجاهلك لذكرى الزواج يعد بالنسبة لها إهانة للحب ، وعدم تقدير لها ولا لسنوات زواجكما ، فاحرص يا صديقي ألا تقع في هذا الفخ ، ودون من الآن في مذكرة الهاتف جميع المناسبات المهمة .

5) المجاملات : لعلنا نحن الرجال عمليين بشكل كبير ، نحب سماع الحقائق ، وقد ننفر بسرعة من عبارات المجاملة الكثيرة أو المبالغ فيها ، لكن زوجتك قد فُطرت على حب الثناء والمديح ، تحبك أن تحدثها عن نفسها في ذهابك وإيابك ، تعجبها المبالغة جدا ، أخبرها أنها أجمل من رأيت وستصدقك ، كلمها عن ثغرها الذي لم يخلق الله مثله وستطرق خجلا .
يكون الأمر بالغ الأهمية حينما تفعل شيئا من أجلك ، أو تقدم لك خدمه، هنا ليس من الحكمة أبدا عن تغض الطرف عن ما قدمته لك وإن كان بسيطا . ويجب أن تثني عليها فورا .

6) أنظر في عينيها عندما تحدثها : قد تراه أمرا هينا ، لكنني أؤكد لك أن معظمنا يحدث زوجته وهو يدير لها ظهره أو وهو يحدق في شيء آخر ! .
ولعلك لا تعلم أن نظرك في عينها يعني لها الكثير ، ففي أحداق عينيك ترى الحب والأمل والعطف والاحترام والتقدير .

7) فاجئها بهدية غير متوقعة ، ولا تهمل الهدية المتوقعة ! .

8) اثن عليها بين الناس : بعض المتدينين يستحون من ذكر مآثر زوجاتهن أمام أحد ظنا منهم أن هذا نوع من الغيرة والحياء ، بالرغم من أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل ذات يوم عن أحب الناس إليه فقال وبلا مواربة ( عائشة ) ، تسعد المرأة أيما سعادة حينما
يتنامى إلى سمعها أن زوجها قد أثنى على طعامها ، أو ذكر طيب خلقها ، أو تحدث عن تفانيها أمام أحد من معارفه أو اقاربه . وتشعر بفخر بالغ وامتنان عميق إذا ما شكرها أمام أهلها وأقاربها .


9) أظهر لها الحب أمام الآخرين : المرأة تحتاج أن تستشعر سعادتك بها ، وامتنانك بأنها زوجتك ، شيء مهم بالنسبة لها أن تمسك يدها وأنتما خارج البيت ، جميل أن تناديها بـ ( حبيبتي ـ عمري ـ روحي) أمام الآخرين .

10) راعي حالتها النفسية : أنت دائما ما تطالب زوجتك بتقدير ما تبذله من أجلها ، وتتحمله من أجل توفير حياة كريمة لها .. أنا أفعل ذلك أغلب الوقت !! .
وفي المقابل فإن المرأة دائما ما تحتاج من زوجها أن يراعي حالتها النفسية خاصة خلال مراحلها المرهقة ( الحيض ـ الحمل ـ النفاث ـ الرضاعة ) ، فحينها تكون المرأة مجهدة نفسيا وجسديا وعاطفيا ، وتحتاج إلى من يقدر ويعطي ، ويراعيها ولا يقسوا عليها .

كن رومانسيا وافعل ما يلي

· مسك اليدين بمناسبة أو بدون مناسبة... فهذا مما يشعرها بالطمئنينة والراحة .
· لملم خصلات شعرها التي تنساب على وجهها .
· عندما تنفعل .. فل لها أحبك ! .
· عندما تبكي ـ لأي سبب ـ امسح دموع عينيها بأطراف أناملك .
· قبل جبينها ، ويدها ، وأشعرها بأنها نعمة من الله .إسألها عن الأشياء التي تبرهن على تفكيرك بها مثل ( ماذا قالت لك الطبيبة ـ ماذا صنعت مع صديقتك التي أغضبتك ـ هل برأ والدك من الوعكة التي ألمت به ) .

الثلاثاء، 2 ديسمبر 2008

كتاب ممنوع .. جدا


(وزارة الإعلام في دولة الكويت تفسح كتاب ( جرعات من الحب) وتسمح بتداوله في معرض الكويت الدولي ..!

هذه هي نص العبارة التي وصلتني على هاتفي الجوال منذ عشرة أيام تقريبا، تخبرني أن وزارة الإعلام الكويتية عدلت من قرارها بحظر كتابي المذكور آنفا من دخول الكويت،وسمحت بدخوله إلى أراضيها بعد وضعه في قائمة الكتب الممنوعة لفترة.

هذا ولا زالت ( هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) بالمملكة العربية السعودية تضع كتابي في ( قائمتها السوداء) والويل كل الويل لمن باعه أو تعامل فيه .

المحزن في الأمر أن وزارة الإعلام في المملكة لم تبد اعتراضها على الكتاب، وإنما السلطة الدينية هي التي قررت ونفذت .


عدت إلى كتابي بعين ناقدة كي أرى ما رآه رجال الهيئة، فرجعت وقد طغت حيرتي علي ..

لم أجد أفكار ناسفة هدامة، ولا ما نخاف على أخلاقنا منه..

لم أجد مسدسا ..!!
فشكرا لرقابة قصف الأقلام ..

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

السبت، 29 نوفمبر 2008

الحفاظ على الحب

عدّلت من وضع نظارتها السميكة وقالت : "يا بني إنكم جيل مسكين، لم ولن تعرفوا معنى الحب !، أين أنتم من زمننا الجميل؟، لقد عشنا زمن الرومانسية الحقة أنا وجدك رحمه الله، لا يشغل بالنا كثيرًا ما يحدث حولنا".
ـ ابتسمتُ لها دون أن أعلق، كي لا تعيّرني كعادتها بأننا جيل فاشل يستحق الحرق، قليل الحياء، يفتقر إلى كل شيء جميل! ، وبأننا ـ وحدنا ـ سبب مصائب كوكب الأرض!.
فاسترسلتْ قائلة : "سأخبرك بسر الحب الدائم، حاول ما استطعت ألا تذهب إلى الفراش وفي صدرك شيء سلبي يخص شريك عمرك، نقوا صدوركم دائمًا تنعموا بحياة سعيدة".
إنني أدعي أن هذا الجيل ـ رغم الطغيان المادي الغالب على معالمه ـ هو الذي سيجدد معنى الرومانسية ، ويعيد عبقها مرة أخرى إلى هذا العالم ! .
لا تتعجبا ـ عزيزي الزوج.. أختي الزوجة ـ عندما أقول بأننا ـ جيل السبعينات وما فوقها ـ أحسن حالاً من جيل آبائنا وأجدادنا رغم ترديدهم المستمر بأنهم أتوا من الزمن الجميل ! .
وادعائي هذا نابع من تلك الحركة الموّارة بداخلنا، والتي تدفعنا إلى الارتقاء الذاتي، والتطلع إلى تطوير علاقتنا الإنسانية إلى الأفضل .
فلا يستطيع أحد منا أن يغض الطرف عن تلك الثورة الشاملة في مجال العلاقات الإنسانية، وكيف صارت هناك كتب ودورات وندوات تقام من أجل الأخذ بيد الإنسان ليكون أفضل مما هو عليه.
ومن جملة ما طالته تلك التطورات " العلاقة الزوجية"، حتى أصبحنا اليوم نبذل من جهدنا ووقتنا ومالنا بلا شح أو تقطير من أجل تطوير مستوى علاقتنا بالطرف الآخر، ونعطي تلك العلاقة من الاهتمام الشيء الكثير.
ولعلي أنظر للأمور بشيء من التفاؤل، لكنني ـ ورغم احترامي لمخالفي ـ أغبط هذا الجيل بأكمله، على توفر تلك المعلومات الهامة بين يديه، أغبطهم ـ وأنا أحدهم ـ على الوعي والإدراك الواسعين اللذين يظللان أفقه، ويضيئان سماءه .

مهارة الاحتفاظ بالحب !

أن نحب ليست هذه هي القضية !! .
فكل البشر وقعوا في شباك الحب، كلهم شعروا بتلك الارتعاشة التي تصيب الفؤاد فتزلزل وجدانه ، جميعهم توقفوا للحظات ليجيبوا داعي الحب ويرحبوا بمقدمه .
من هنا فإنني أؤكد أن وقوعنا في الحب ليس بالشيء الذي يجب أن نحتفي وننتعش به .


ولكــن ..
أن نحتفظ بالحب ..فهذا هو التحدي ! ! .أن نعرف كيف نحافظ عليه من شِراك الأيام ، وتقلبات الليالي ، وخبايا الدهر .. هذا هو الأهم .
فالحب يا أصدقائي ليس بالشيء الذي يرتوي ويشب على ما يجده من خشاش الأرض، بل بما نمنحه إياه من مشاعرنا واهتمامنا والتزامنا العاطفي .
الحب بحاجة إلى مهارة تمكننا من الحفاظ عليه دائمًا حيًا .. نقيًا .. نضرًا .
هذه المهارة تنبع من قيمنا التي نتبناها، والمبادئ التي تحركنا .
مهارة تتمركز حول مفاهيم ( احترام الآخر وتقديره، تقبله في جميع أحواله، مسامحته حال الخطأ والزلل) .
إننا قد نقع في الحب وننتشي به لكننا ـ للأسف! ـ لا نتقن سُبل الحفاظ عليه فيخبو بريقه، وتذبل أطرافه، وتبرد حرارته، ونجد أنفسنا وقد مللنا مما كان يؤنسنا ويحيينا ..!
أعود ثانية للقول بأن الحب يحتاج إلى صانع حاذق، و إلى مهارة وحرفة ..يحتاج أن نؤمن بأهميته، وأهمية أن نتعب ـ كثيرًا ـ من أجل الحفاظ عليه ..!


من كتابي الجديد أسطورة الحب .

الأحد، 23 نوفمبر 2008

خلطة الحب !!

نظرًا للصداقة القديمة التي كانت تربطنا، قررت قبول الدعوة التي وجهها لي صديقي "مهاب" فقد افتتح حانوتا "للعطارة" ومن حقه علي أن أهنئه على مشروعه الخاص ، وارتقائه أولى درجات سلم الرأسمالية!.

سألتُ زوجتي عما ينقص مطبخها من الفلفل والكمون والبهارات، وانطلقتُ إلى وجهتي.

وبالرغم من كون "مهاب" محاسبًا محترمًا بإحدى الدوائر الحكومية، إلا أن به شغفًا كبيرًا بالوصفات الشعبية، وكان يُلزم أصدقاءه ـ وأنا أحدهم ـ بمناداته بلقب "دكتور"!، ولم لا .. وهو المستشار الأول عند كل مغص، المستنجد به حال ارتفاع حرارة الجسم أو اضطراب المعدة!.

دخلتُ على صاحبي والبِشر يرتسم على محياي، فوجدته يتحدث مع شيخ هرم بصوت منخفض يوحي بالخطورة، وهو يدس في يده كيسًا به بعض الأعشاب التي لم أتبين هويتها، فما أن رآني حتى هلل مرحبًا، و دعاني للجلوس بعدما ودع الرجل العجوز وهو يعده بليلة ستقصها "شهرزاد" المستقبل على "شهريارها".

لم أستطع كتم فضولي فسألت صاحبي عن أمر هذا الشيخ، فابتسم بطرف شفتيه وهو يقول: "كما ترى يبحث عن دافع للحياة، فأتحفته بآخر وصفاتي".

فقلت وأنا أسترجع خطوات الرجل التي ـ بالكاد ـ نقلته خارج الدكان : هل تقصد ...!؟
قاطعني قائلا وابتسامته الواثقة تزداد حتى التهمت وجهه كله: نعم يا سيدي، أعطيته خلطة القوة .. "فياجرا" الفقراء كما أسميها!!.

قلت له مستنكرًا: يا رجل أين لمثل هذا الشيخ بهذه الأمنيات، إنه يقضم تفاحة الحياة بأسنان صناعية!.

لم أكد أتم جُملتي إلا ودخل شاب في منتصف الثلاثينيات من عمره، وصافح صديقي بحرارة قائلا: دكتور "مهاب"، سمعت عن خلطتك الأخيرة، صديقي "حسام" جربها وأثنى عليها، لماذا تضن علينا بوصفاتك السحرية؟.

نظر لي صديقي وابتسامة ساخرة منتصرة تتلاعب على شفتيه، ثم قام مسرعًا وناول الشاب كيسًا به بعض الأعشاب المختلفة، ثم أقبل ناحيتي مقهقهاً وقال: كلهم يأتون إلي يا صديقي، من ابتدأ حياته للتو، ومن يودعها، لو أنصفت وباقي الشلة، لأسميتموني بائع السعادة .........

الأربعاء، 12 نوفمبر 2008

الدعم العاطفي
نظرتْ إليه بطرف مليء بالعتاب ثم استدارتْ إلي قائلة : لم يقل لي أنه يحبني منذ أيام الخطبة ، لا يحدثني عن الشوق والحب والهيام ، ثم ضحكتْ قائلة : لقد أعطيته أحد كتبك ليقرأه ، فأعاده إلي بحجة أنه ليس بحاجة إلى رواية رومانسية ، وطالبني بأن أقرأ لكاتب واقعي .
أسرع الزوج قائلا في ارتباك : لم أقصد شيئا، وقد أخبرتها من قبل أني أحبها ، لكنها تنسى ، ثم هل يجب علي أن أبدأ يومي بقراءة قصيدة حب على أسماعها، الحياة يا سيدي ليست بهذا الصفاء !


نعتقد ـ نحن الرجال ـ أن كلمة أحبك التي قلناها في بداية الزواج يمكن أن تظل محتفظة برونقها وصلاحيتها حتى آخر العمر ! .
فيرى الزوج أنه ليس بحاجة إلى دفع ضرائب جديدة على الزواج ! ، وأنه ما دام قد قال لزوجته أحبك ذات يوم، فالأمر ليس بحاجة لتأكيد طالما أنه حتى الآن لم يخبرها بالعكس ! .
لكن طبيعة الزوجة ـ عزيزي الزوج ـ تحتاج دائمًا إلى دعم عاطفي لا ينقطع، إنها تتشكك في الحب إن لم تغذه عبارات رومانسية مستمرة .
صحيح أن الرجال أيضًا يحتاجون للشعور بأنهم مرغوبون ، لكن الفارق أن الرجل ما دام مرتبطًا بعلاقة فالأمر منتهٍ ، على عكس المرأة التي تحتاج إلى تأكيد دائم من زوجها على حبه لها وتقديره لشخصيتها .
في السيرة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لزوجته السيدة "عائشة" رضي الله عنها ذات يوم :( حبك كعقدة الحبل) دلالة على متانة علاقته صلى الله عليه وسلم بها، فكانت ـ كما تروي كتب السير ـ تسأله بين الحين والآخر:( كيف حال العقدة ؟)، فيقول لها صلى الله عليه وسلم وهو يبتسم (على حالها) ، هذه الحالة الجميلة والفريدة من الحب، تؤكد لنا حاجة إحدى أعقل النساء لسماع كلمات الحب ، وتجاوب أشرف الخلق مع هذا الميل الفطري .
معظم الرجال لا يستوعبون هذا الأمر ، يقول أحدهم لزوجته : "إني أعمل من أجلك ، أحاول توفير أقصى حياة كريمة لك هل بعد هذا تحتاجين تأكيدًا لحبي لك ؟!" .
أضف إلى ذلك أن الرجل يعتقد أن الكلمة تفقد بريقها إذا كثُر استخدامها، وأن زوجته قد تمل من سماع كلمة "أحبك"، ولذا فيجب عليه التغيير والابتكار، وهذا أيضًا شيء غير صحيح، فالزوجة لا تمل أبدًا من سماع كلمة "أحبك" حتى وإن كررها الزوج مع كل نفس يتنفسه!.
إذن فالدعم العاطفي الأول للزوجة هو قول كلمة "أحبك" ، بكامل مشتقاتها ( أشتاق إليك ـ أعشقك ـ أهواك ) وبشكل مستمر ودائم .

الدعم الثاني يكون باستخدام وسائل التعبير عن الحب .. عن الهدايا أتحدث إن شئت التوضيح ! .
كل البشر ـ بلا استثناء ـ تعجبهم الهدية وينتشون بها، وإذا ما نحّينا أمر الصديق الذي لا يعترف إلا بالهدايا الثمينة جانبًا، فإن أروع ما في الزوجة أن الهدايا البسيطة تمثل لها الكثير، لا زالت الوردة هي المتحدث الرسمي باسم الحب ، وما زال العطر يحتل مكانة متقدمة في قائمة أكثر الهدايا إسعادًا للزوجة .
نعم قد تحتاج في بعض الأحيان إلى أن تحصي ما لديك لتحضر هدية ثمينة ، لكن عزاءك أن هذا لا يحدث سوى مرة أو مرتين في العام ، والشاهد أن الهدايا البسيطة الرمزية المعبرة عن الحب يجب أن تكون بشكل دائم.
كلنا في مرحلة الخطبة كنا نحضر البطاقات الجميلة ونزينها بعبارات رومانسية رائعة، كلنا أحضرنا تلك الوردة الحمراء وحافظنا عليها كي تصل إلى المحبوب برونقها وجمالها، إلا أننا لسبب ما توقفنا عن فعل هذه الممارسات البسيطة، فخسرنا بذلك الكثير وفقدنا جزء غير قليل من الرومانسية!.

الدعم الثالث ـ أهديه للصديق الذي يتهمني بالرومانسية المفرطة ـ هو القيام بالواجبات المنزلية البسيطة، قد لا تدرك ـ صديقي الزوج ـ كم تسعد المرأة عندما تُلقي بكيس القمامة في الخارج، أو تحضر الملابس من المغسلة، أو تتصل بها لتسألها عما تريده من "السوبر ماركت" .. والأهم ألا تنسى إحضاره .
أحد أهم القواعد التي أريد منك حفظها هي أنك عندما تنظر بعين الاستخفاف إلى شيء تراه زوجتك مهمًا فإنها تترجم هذه النظرة بشكل شخصي جدًا، وتراها رسالة منك تخبرها بأنها غير مهمة !! .
فإذا طلبت منك زوجتك "حفاضات" من أجل صغيركما ، فالأمر ليس بالبساطة التي تتصورها ، نسيانك لهذا الأمر التافه ـ من وجهة نظري ونظرك ـ يخبرها بأنك لا تهتم بها ولا بمطالبها !! .

الدعم الرابع المعاملة الخاصة ، الزوجة تنتظر دائمًا أن يعاملها زوجها بشكل مختلف عن أصدقائه ومعارفه وباقي عائلته ، تحب أن يسر إليها بأخباره الجديدة، ومشاريعه المستقبلية ، وتغضب بشدة إن علمت بأمر ما يخص زوجها من أحد ، إنها تتوقع أنها الأهم في حياة زوجها ، ولذا فمن الطبيعي أن يهتم بها أكثر من أي شخص آخر في هذا العالم.

الخميس، 6 نوفمبر 2008

احلامي الحقيقية


مرحبا أصدقائي ..

هذ الأسبوع أجرى معي راديو حريتنا على شبكة الانترنت حوار إذاعي ، تحدثت فيه عن تجربتي مع الكتاب ، وكيف أثر في حياتي كلها بعد ذلك ..
البرنامج هو ( أحلام حقيقية) ، وتقدمه المذيعة الواعدة : مروى عبدالمقصود .
وطبعا لأني لم أعلن عن الحلقة فلم يستمع إليها الكثير من أصدقائي ، ولذا لمن يريد سماعها فعليه أن
هذا ملف مضغوط به الحلقة كاملة ، أأمل أن يحوز على اعجابكم ..

لعل المفارقة أن هذه الحلقة بدت وكأني أختم بها عقود حياتي الثلاثة المنصرمة .. فصديقكم قد بلغ من العمر الـ (30)عام .

اسمعوا الحلقة .. وأعطونا رأيكم ..

وشكرا لكم ..

الخميس، 30 أكتوبر 2008

حماقــــة الحب ..!


هناك دائمًا مرة أولى لارتكاب أي حماقة .
وزواجي يا سيدي كان هو حماقتي الأولى في هذا المجال !
بهذا الاعتراف بدأ الزوج حديثه معي، ثم قال معقبًا : بالرغم من ضرورة أن نتعلم من أخطاء الآخرين، فالزواج من نوع الأخطاء التي يجب أن تذوق مرارة ندمها بنفسك، ومهما أخبرك الآخرون عن خطورته فالغرور يجعل كل واحد منا يظن أنه سيكون الاستثناء الذي سيخرج على القاعدة!!.
عندما قررت الزواج كنت أرى حبيبتي أرق من نسيم الصباح ، ألمح في عينيها شحنة أمل تكفي لإعمار الأرض بأكملها، حينما كانت تبتسم تخرج الطيور من أعشاشها ظانة أن الشمس قد أشرقت وأن موعد الغناء قد حان .
ولا أدري ما الذي حدث بعدما ضمنا بيت واحد، وصرنا شركاء فراش، لم تعد هي هي ، وأنا ـ كما أخبرتْنِي ـ لم أعد أنا !! .
إنها على ما أعتقد .. لعنة الزواج !! .


* * *

مـــراحل الحـــــب لسبب أجهله يظن المرء أن انبهاره بحبيبه سيظل حيًا مشتعلاً، منذ النظرة الأولى، وحتى آخر العمر ، وأي شيء يخالف ذلك فمعناه أن الحب يخفت و يختفي .. ويموت!.
ومع أن للحب أطوارًا ومراحل، فإننا نتجاهل هذا، ونحاول بشتى السبل أن نتعلق بأعلى نقطة في منحنى الحب ، ونأبى التماشي معه ومسايرته.
نرفض أن نواكب تطورات الحب، وأن نتعامل معه بشكل عملي .

أطوار الحب :

تعال لأخبرك بخطة الحب كاملة، بدءً من اللحظة التي خفق فيها قلبك بشدة معلنًا أن ما كنت تنتظره قد حدث، إلى تلك اللحظة التي حمل فيها المأذون أوراقه بابتسامته المشفقة التي تخبرك ـ وأنت غير مدرك! ـ أن موعد رجوعك عن الحماقة قد فات!.
المرحلة الأولى :عندما يطرق الحب باب قلبك تلك اللحظة التي نفتح له الباب على مصراعيه وندعوه للدخول، نرى الحبيب حينها أشبه ما يكون بالملائكة، نرفض أن نراه بشريًا، فهو المخلص، الحنون، الرقيق، الذي لا يُضمر سوءً أو شرًا لأحد، ولا يُخطيء أبدًا!.
يصف المفكر و الروائي الفرنسي "مارسيل بروست" هذه المرحلة بأنها "مرض الحب"! لأنها تثير في أعماقنا صراعًا بين ذكائنا الواعي وإرادتنا الوضيعة ! ـ على حد قوله ـ ففي لحظات التعقل القليلة نستطيع أن نرى من نحب كما يراه الآخرون على حقيقته، وفيما عدا هذه اللحظات فنحن نعجز أن نراه إلا متأثرين بمشاعرنا تجاهه أو رغبتنا فيه، فلا نعرف على وجه الدقة هل هو جميل أم قبيح، نبيل أم مخادع، وكل ما نعرفه أننا في حاجة إليه وهنا يكمن سر مرضنا.
ما إن نرى الحبيب حتى تضطرب درجة حرارة أجسادنا، نشعر بأحشائنا وهي ترفرف، يخفق القلب بشدة ، ويتملكنا شعور لذيذ غريب ونحن نراه مقبلاً يتهادى في دلال .

المرحلة الثانية :محاولة إغلاق القلب عليه عندها نعمل جهدنا لاستدعاء الشواهد والبراهين التي تؤكد أن هذا الحبيب ـ دون كل البشر ـ هو من يبحث عنه القلب منذ أن خفق لأول مرة، في هذه المرحلة نكون على استعداد لتحدي العالم أجمع إن شعرنا بأن هناك ثمة محاولة لإخراج من نحب من بوابة القلب.
نحاول وقتها البحث عن الأمور المشتركة ( الهوايات ـ الأيديولوجيات ـ التعليم ) ونعمل على تأطير الحسنات وتكبيرها، مع غض الطرف عن السلبيات ومحاولة إخفائها حتى لو عن أعيننا نحن !! .

المرحلة الثالثة : استبصار المحبوب وفيها يطرق العقل باب القلب ويدخل عنوة ليجلس على طاولة الحب ويدلي بدلوه في أمر هذا المحبوب، هنا يقول القلب : "حبيبي أحن من في الوجود، فيرد العقل في هدوء : لكنه عصبي!"، ينفعل القلب مؤكدًا أنه جميل كالبدر ، فيخبره العقل بأنه متردد، يحاول القلب إثبات أنه رومانسي ، فيجيبه العقل بأنه لا يملك قوت يومه ، وليس لديه ما يقيم به بيتًا !".
بعد هذه المجادلات ينتهي الأمر إما بانتصار العقل أو فوز القلب، إما بهيمنة المشاعر أو امتلاك المنطق زمام الأمور .

قصص حب كثيرة تنتهي عند هذه المرحلة، خاصة إذا كان العقل والمنطق يؤكدان على أن الظروف ليست مثالية للارتباط، وقد ينفطر فؤاد المرء ويبكي دمًا، حتى وإن كان هو نفسه صاحب قرار الانفصال.
إن التوازن في هذه المرحلة جد مهم، ويجب أن يختار القلب ويؤيد العقل، وألا ينفرد أحدهما بإصدار قرار ربما يتحمل الجميع تبعاته فيما بعد .

المرحلة الرابعة :إغلاق باب القلب .. وباب البيت هذه المرحلة الأخيرة، والتي يتم فيها توثيق العلاقة بوثاق أبدي، لقد تزوجتما وستستمران متجاورين حتى آخر العمر، أصبحتما كيانًا واحدًا، وهذا منتهى أمل كل عاشقين على وجه الأرض .

ولكــــن .. دائمًا ما تحدث صدمات، كصدمة صاحبنا الذي يرى الزواج أكبر حماقة ارتكبها في تاريخه وأخطرها أثرًا!.
تحدث هذه الصدمات في الغالب حينما يرفض أحد الزوجين ـ أو كلاهما ـ التعايش مع مراحل وأطوار الحب بالشكل المنطقي الملائم، فيظل أسيرًا لمرحلة النظرة الأولى بكل سحرها وقوتها، ومع أنه قد أصبح في طور المسئولية، إلا أنه ـ بحجة الرومانسية ـ يحاول العيش في هذه المرحلة وحدها!.
ولا يمكن أن تظل الأمور على حالها الأول بالطبع، والحب لم يذهب كما نظن لكنه تطور وغيّر جلده ليناسب المرحلة الجديدة، وبدلاً من أن يكون في ارتعاشة اليد وخفقان القلب وحسب، صار دافعًا للعمل والجد والكفاح من أجل توفير حياة كريمة لمن نحب، وتضحية وإيثارًا لشريك العمر.



إن الزواج يصبح حماقة كبرى لهؤلاء الذين لا يدركون كنه التطورات التي تنتاب القلب، والمراحل التي يجب المرور بها من أجل الحياة مع من نحب .
لعلك تدهش من قصص الحب المشتعلة التي تنتهي بالزواج ويظن الجميع أن قد دانت الجنة لكلا العاشقين، فإذا بهما يفجعانك بعد سنوات قليلة ـ وربما أشهر !ـ بخبر انفصالهما .
هل ما ذكرناه يعني أن الرومانسية تنتهي بانتهاء المرحلة الأولى، وأن الزواج يصبح خاليًا منها ؟ .


قطعًا هذا غير صحيح، الرومانسية تظل في القلوب على الدوام ما دمنا حريصين على الاعتناء بها، واستشعار مسئوليتنا تجاهها، لكن ما أقصده أن المرحلة الأولى للحب تكون بطبيعتها ساحرة، خاطفة، مبهرة، يساعد على استغراقنا فيها عدم وجود مسئوليات كبرى يمليها هذا الحب، أما بعد الزواج، فنحن قادرون على الحفاظ على هذا الحب حيًا منتعشًا على الدوام ولكن برزانة وحكمة أكبر، فهو يحتاج ـ كي نحافظ عليه ـ لامتلاك رؤية واسعة تؤهلنا لكشف أطوار الحب ومعرفة أين نحن بالضبط منه، والأهم من ذلك ما الذي يلزمنا فعله كي نتعامل بشكل ملائم مع كل مرحلة

الأحد، 19 أكتوبر 2008

لماذا لا ننظر في داخلنا أولا ..

الإنصاف .. الغائب
كان الخبّاز يشك في الفلاح الذي يزوده بالزبد المستخدم في مخبوزاته، فأخذ يراقب وزن الزبد يومًا بعد يوم إلى أن تأكد من شكوكه، فذهب إلى الشرطة التي أتت بالفلاح الوَجِل، وبمواجهته باتهام الخباز، اعترف الفلاح بأنه لا يملك ميزانًا يزن به الزبد، لكنه كان يستخدم كفتين، يضع في إحداهما رغيفًا من الذي يشتريهم من الخباز والذي يُفترض أن وزنه رطلا حسب ما يدعي، وبالتالي فإن المشكلة تعود إلى الخباز الذي غش في وزن الخبز ، فانعكس ذلك بالتالي على وزن الزبد!.

ونحن نرى ملامح هذه القصة في حياة كثير من الأزواج والزوجات، حيث يشتكي الواحد منهم من شريكه ويطيل في شكواه ، يعرض عيوبه ويُفردها ، دون أن يتطرق أبدًا لعيوبه هو ومشاكله .
وربما كان هو أصل المشكلة ومنبعها .
ينتقد شريك عمره، ويتفنن في إظهار أسوأ ما فيه، ولا يلتفت إلى نفسه وكأنه المُبرأ من كل عيب!.
أحد الأدباء شبه عين الناقد بأضواء السيارة، فهي تكشف الآخرين فقط وتُظهر ما لديهم ، لكنها لا تتوجه إلى الداخل أبدُا لتضيء جنباته!.


ولعلك قد قرأت من قبل قصة ذلك الطفل الذي أغضب أمه ، فوبخته ، فسار إلى أن وصل لمنطقة الجبال على أطراف بلدته، فصرخ موبخًا نفسه بصوت عال : "أنت غبي"، فسمع صوتًا يرد عليه "أنت غبي"، فتعجب من هذا الشخص الذي يسبه دون سبب، فقال له :" بل أنت الوقح" ، فرد عليه الصوت مرة أخرى :" بل أنت الوقح "، فذهب إلى أمه حزينًا مهمومًا ، فاعتذر لها عما فعله، ثم قص عليها قصة ذلك الطفل الوقح الذي يختبئ في الجبل ويسبه دونما سبب، فابتسمتْ أمه وأخذته معها إلى الجبال مرة أخرى، وقالت له : "قل أنت جميل!"، فقالها، فإذا به يسمع صوتًا يرد عليه :" أنت جميل"، فقالت له :"قل ..أنت رائع"، فقالها، فإذا به يسمع صوتًا يرد عليه :" أنت رائع"، فقالت له الأم بعدما رأت البهجة تطل من عينيه، ليس هذا سوى صدى صوتك يا صغيري، عندما تكون حانقًا، تخرج حنقك على العالم دون أن تدري، فيقابلك حنقًا بحنق، فتحزن وتغضب وتظن أنه قد تجرأ عليك وأهانك ، لكنك لو أخبرته بأنه جميل ورائع فسيرد لك الكلمة بمثلها ، وفي كل الأحوال فأنت أساس وسبب ما يعود إليك!.

هذه القصة الرمزية البسيطة قد نحكيها لأطفالنا لنعلمهم معنى أننا مسئولون عما يعطيه العالم لنا، وأن أفعالنا تعود علينا .
لكننا ـ نحن الكبار ـ نحتاج أن نقف عندها متأملين لنستوعب كيف أننا كثيرًا ما نلوم الطرف الآخر لأنه عاملنا بالأسلوب الذي تعودنا أن نعامله به!.
وأن سلوكه السلبي كان منبعه سلوكًا ذاتيًا سبّب له الألم والحنق والغضب .
نحتاج أن نحمل مصباح الضمير بين وقت وآخر، و نغوص إلى الداخل فننقب على عيب هنا فنقوّمه ، ومرض هناك فنعالجه.


رسولنا صلى الله عليه وسلم ينبهنا إلى مشكلة في غاية الأهمية والخطورة نقع فيها ونحن نتعامل مع الآخر، يقول صلى الله عليه وسلم : "يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه وينسى الجذع في عينه ".

والقذاة هي الأتربة البسيطة ، والجذع هو قطعة خشب كبيرة، فكأن الرسول صلى الله عليه وسلم يعيب على كل شخص غير منصف معايرة لشخص آخر بعيب بسيط وهو نفسه مبتلى بما هو أكبر وأخطر وأشد!.
ينهى صلى الله عليه وسلم عن الوقوع في جريمة ( عدم الإنصاف ) ، والتي تدفعنا إلى جلد الآخر على خطأ ربما نكون نحن أشد منه مواظبة على ارتكابه!


فانتبه يا صديقي ولا تُقم المحكمة وتُدين الآخر وأنت في الحقيقة المتهم والمدان .
حاذر من أن تلوم الآخر على غش الزبد وأنت الذي سممت ميزانه وأفسدت رمّانته .
توقف قليلا قبل أن تنثر عيوب شريكك لتحاسب نفسك وتقيمها .
وتعلّم أن تنظر بداخلك أولا قبل أن تيمم وجهك شطر الطرف الآخر .

الخميس، 9 أكتوبر 2008

الانتقام .. فن

تعلـــــم الانتقـــــام



إذا ما هُزمت يوما في معركة من معارك الحياة .. فيجب أن تنتقم ..!
إذا ما سبقك أحدهم نحو غاية كنت ترنو إليها .. فأنصحك أن تنتقم ..!
إذا ما تعثرت ، أو كبوت ، أو أخفقت .. فلملم جنانك كي تنتقم ..!

في التلمود حكمة أعجبتني تقول ( احي جيدا .. فهذا أعظم انتقام) ، إستقم واعمل بجد وكفاح عندها تكون قد أذقت أعدائك المر ، وجرعتهم العذاب والحسرة .
لا تنسى يا صديقي إخفاقاتك أبدا ، إجعلها كوغز الإبر ، تهيجك لتنتقم ، وانتقامك من السقوط والفشل يكون بالنصر الساحق .
يقول الأستاذ القدير عبدالوهاب مطاوع ـ رحمه الله ـ : أفضل وسيلة للانتقام ممن يسيؤن إليك هو ألا تكون مثلهم .. تجنب أن تسلك نفس سلوكياتهم المريضة في حياتك ، ترفع عن الرد عليهم ليزداد شعورهم بحقارتهم وتفاهة شأنهم وانحراف أخلاقياتهم ..
هذا هو الانتقام الذي أريده يا صديقي ، وليس الانتقام السلبي الذي يقضي على قلبك ويأكل من روحك بشراهة .
يقول الله سبحانه وتعالى (هو أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ) ، إن الغفران والتسامح شيء في غاية الأهمية ، كي نستطيع أن ننتقم بشكل أروع ! .
لعل كلمة الانتقام قد أزعجتك يا صاحبي ، نظرا لكونها تدلل على معنى سلبي ، لكنني هنا أريد وجهها المقبول ، أريد نارها الإيجابية التي تلسعك كي تكون الأفضل .
كيف ننتقم !؟
يقول وينستون تشيرشل ـ رئيس وزراء بريطانيا في الحرب العالمية الثانية ـ ( كل منا له يوم .. وبعض الأيام أطول من بعضها ) . لذا دعدني أريك رؤس اقلام للانتقام الذي سيحين يومه :

إذا ما اضطربت حياتك العاطفية فيجب عليك أن تبدأ في الانتقام بأن تكون أفضل مما يتوقع الجميع ، اختلي بنفسك لوقت ، أعد حساباتك مرات ومرات ، حلل بموضوعية تامة سلبياتك ، إبدا من فورك في تغيير تلك السلبيات ولا تقع اسيرا لها ، إقرأ كثيرا ، إستشر أهل الخبرة ، إحضر دورة أو محاضرة عن العلاقات الأسرية ، لا تقبل بأن تكون أقل من ذلك الزوج الرائع الذي يستمتع بحياته الزوجية .



إذا ما جفاك صديق ، أو خانك رفيق ، أو اساء إليك أحدهم ، فانتقم بأن تكون أفضل خلقا واحتراما وإيمانا منه ، أطمس أي مشاعر سلبية تدفعك للإساءة له ، احتسب الأجر عند الله جل وعلى .

 إذا ما تعثر مشروعك الخاص ، أو خسرت أموالك كلها في صفقة وتنبأ الجميع ان نهوضك أمر غير متحقق ودعوا الله لك أن يصبرك في مصيبتك ، فانتقم من الظرف الحاصل بمعاودة الكرة ، وخطط مرة أخرى بشكل أدق ، وأعلن للعالم أن ما حدث كبوة جواد ، وأنك قادم .. وبقوة .

 إذا ما عاندك مديرك في العمل ، أو أستاذك في المدرسة ، فكن فوق ما يظنون ، وتفوق بشكل يسحق اي دعاوى يدللون بها على فشلك أو تكاسلك .


 إذا ما غلبك شيطانك فأسأت الأدب مع شخص ما ، أو وقعت في عرض أخ لك ، أو آذيت أحدهم بقول أو فعل ، فانتقم من شيطانك بسيف الاعتذار ، إصفعه بإيقاظ ضميرك ، وتحسين سلوكك ، وطلب السماح والعفو ممن أسأت إليه .


 إذا ما اسرك هواك ، وغلبتك نفسك ، وطالت غفلتك ، فانتقم منهم بالرجوع إلى حظيرة الإيمان ، وتسلح بالتوبة ، وقض مضجعهم باستغفارك وإنابتك .


وعلى هذا المنوال فسر يا صديقي ، لا تزل لك قدم ، أو تصيبك كبوة ، إلا ويكون ردك عليها قاسيا حاسما .. يعيد لك اتزانك من جديد ..



وتعلم .. فن الانتقام ..

السبت، 4 أكتوبر 2008

حوار ..

كريم الشاذلي : الشباب مخضوض وكلما تعقدت الدنيا كثرت الفرص !!
محيط ـ هاني ضوَّه


"قرع على بوابة المجد"، "صدي الآهات"، "جرعات من الحب"، "امرأة من طراز خاص"، "إلي حبيبين"، "الآن أنت أب"، "الشخصية الساحرة"، وأخيراً "أفكار صغيرة لحياة كبيرة" .. كانت تلك إصدارات الكاتب الشاب كريم الشاذلي التي لاقت النجاح الكبير، سمعت عنه كثيراً من أصدقائي فأثار فضولي .. كيف لشاب ليس كبيراً في السن أن يكتب كل هذه المؤلفات في التنمية البشرية خلال سنوات؟!، حاولت التعرف عليه أكثر من خلال كتاباته .. تابعت مدونته لفترة مما زاد إعجابي به.
سعيت للقاءه ولم يمانع، كنت أتوقع أن يكون كريم شخص قد أخذته أضواء الشهرة والتميز، وسيكون كلامي معه عبارة عن محاضرات وكلام مُقفَّي .. لكن لقائي معه كان غير ذلك، فقد جاء ببساطته، وشخصيته الساحرة، ودار بيننا هذا الحوار ....




الخميس، 18 سبتمبر 2008

عن كلام الناس أتكلم !!

لاتلتفت لما يقولونه عنك !!
هل سمعت من قبل عن قاعدة ( 18ـ 40 ـ 60) ؟ .

هذه القاعدة ببساطة تخبرك بشي هام جدا ، وهو أنك وفي سن الثامنة عشر تكون مهتم للغاية برأي الناس فيك ، منتبه لما يقولونه عنك ، قلق بخصوص ما يشعرون به تجاهك ، وعندما تبلغ سن الأربعين تصبح غير مهتم البتة بما يقولوه الناس عنك ، غير آبه بآرائهم فيك ، ولا يقلقك ثنائهم أو نقدهم ، بينما وأنت في الستين تدرك الحقيقة الغائبة وهي أنه لا أحد في الحياة كان مهتما بك بالدرجة التي كنت تظنها طيلة حياتك ! .
إننا كثيرا ما نعطي لرأي الآخرين أكثر مما يستحق ، ونزن أفعالنا بانطباعاتهم ، وأنى للناس أن يعايشوا ويتفهموا ما نحن بصدد المضي فيه وتحقيقه !؟.

لو فتشنا في قلوب الناس لوجدنا عجبا عجاب ، فمنهم من برئت نفسه من الأثرة والأنانية فأحبك وتمنى لك التوفيق ، ومنهم من أغاظه نجاحك وتفوقك وينتظر لك السقطة كي يتشفى فيك ، وهناك من لا يرتاح لمرآك ، وآخرين يطربهم سماع صوتك ، فهل سترهن حياتك على ما يبنيه الناس عنك ، سواء سلبا أو إيجابا .
أبدا ليس هذا بالأمر الرشيد .
ولكن الخير أن تستمع لما يقال لك ، تتأمل في كل نصح أو نقد أو توجيه ، تفكر فيه جيدا ، تُعمل فيه عقلك ، فإذا عزمت فلا يثنيك كلام أحد ، ولا ينال منك تثبيط القاعدين .

لو استمع النبي صلى الله عليه وسلم لمن اتهموه بالجنون ما انتشر الإسلام ، ولو قعد حزينا لمن حملوه وزر من ترك دينه وخاصم أهله ما كنا مسلمين ، ولو توقف الحبيب عليه السلام ليرد على من قال أنه شاعر ينظم الشعر ويوهم الجهلاء على أنه كلام رب العالمين لأنتهت حياته عليه السلام وما فعل شيء .
لكنه علمنا صلى الله عليه وسلم أن ننطلق متمسكين بثبات عقيدتنا ، ورسوخ قيمنا ومبآدئنا ، ولا نستمع لقول من لا يعلم .

يكون الأمر أكثر إلزاما إذا كنت من أصحاب الأحلام الكبيرة العظيمة ، المستعصية على أفهام البسطاء العاديين ، فنسبة المقاومة والتثبيط ستكون عالية مرتفعة ، وكلٌ يظن أنه يخلص لك الكلام والنصح .
إن استقلاليتك العقلية ، وتحررك من سيطرة الناس أمر بالغ الأهمية في تحقيق أحلامك وأمانيك ، ولن يتأتى هذا إلا إذا كانت معتقداتك وأفكارك ومن ثم أحلامك مبنية على اسس سليمة راسخة متينة ، تعطيك ترياقا ضد حملات التشكيك والاستهزاء والنقد الآتي من الآخرين .

الاثنين، 8 سبتمبر 2008

بوابة الحــب


بوابــــــــة الحـــــــــب

ـ هز رأسه في عدم اقتناع وقال بسخريته المعهودة : لا زلت أرى أن كتبك يا صديقي ستجد سوق رائجة في المريخ ، المخلوقات هناك ستتعايش بحرارة مع ما تكتبه ! .
ـ فقلت بهدوء محاولا تجاهل سخريته : لماذا يا صاحبي ؟ .
فقال : ما تكتبه يصلح لرواية عاطفية، أو كخاتمة لفيلم رومانسي ، أما لحياتنا فلا وألف لا .
نحن نعيش على الأرض يا صديقي ، حيث المشكلات والهموم . أنا وزوجتي نتحدث في ليالينا عن غلاء الأسعار ، ومصروفات المدارس ، والأقساط الشهرية .. قل لي بالله عليك من أين آتي وسط كل هذا بالرومانسية لأخبرها ـ ولو كاذبا ـ أن عيناها أجمل من ضوء القمر !!! .

علمتني الحياة أن هناك ثمة تحديا يسكن في كل خطوة نخطوها ، وأننا في سبيل نيلنا للسلام الداخلي المنشود بحاجة إلى التغلب على كثير من هذه التحديات وقهرها .
أحد أهم هذه التحديات هو تغلبنا على اضطرابات الحياة من حولنا ومحاولة التوفيق بين الطموح من جهة والرضا بما وهب الله من جهة أخرى . أو بمعنى آخر أن لا يسرق تطلعنا للغد استمتاعنا بحلاوة اليوم .
يأتي بعدها التحدي الأخطر ، وهو التغلب على فيروس ( السوداوية) ، والذي يجعلنا نرى المشكلات دائما ، مع غض الطرف عن الحسنات والمميزات ، ذلك الفيروس الذي لا يجعلنا نؤمن بمعاني ( الرضا والتوكل) ، ويسرق منا متعتنا بالقليل المبارك .
صديقي الذي يعتب علي رفعي لراية الرومانسية ، بحجة مشكلات الحياة ، يظنني جاهلا بما يحدث حوالي ، أو محلقا خارج السرب ، أغني لحني منفرداً .
كل ما هنالك أنني أؤمن أن الاستمتاع بالحياة ، لا يعني خلوها من المشكلات والمصاعب ، وإلا ما استمتع إنسان بحياة ، حتى أولئك الذين ننظر لهم على أنهم قد ملكوا أطراف الدنيا لثرائهم ونفوذهم ـ هم مثلنا وربما أكثر ـ يعانون ويلات الحياة ولكن بشكل مختلف .
إن ما أدعوا إليه دائما هو أن نحاول التوفيق بين سعينا الدءوب في الحياة من أجل النجاح ، وألا يسرقنا هذا السعي من التزاماتنا الاجتماعية والعاطفية .
ألا يخطفنا بريق ما نسعى إليه عن الاستمتاع بحاضرنا ويومنا .. وما نملك بين يدينا .
إن بوابة الحب لا تغلق في وجوه المحبين ، لكنهم يغلقونها بأيديهم ! ، يضعون عليها الأقفال عندما لا يرون الأعطيات التي من الله سبحانه وتعالى عليهم بها .
يغلقونها في عنف وراءهم عندما يغضون الطرف عن النعم التي يستطيعون التمتع بها وتذوقها .
الرسول صلى الله عليه وسلم كان من أبسط خلق الله ، أكثر من وطأ هذه الأرض رضا ، وأشدهم تواضعا ، ومع ذلك كانت حياته الزوجية كأجمل ما يكون ، وأروع مما قد نتخيل .
كان يضحك ويسمر ويلاعب زوجاته ويتقبل مشاكساتهم ويستمتع بحديثهم .. رغم مشاكله وهمومه والضغوطات التي يواجهها في سبيل نشر دعوة الإسلام .
بل إن أحد أروع قصص الحب تلك التي جمعت بين فاطمة بنت الحبيب صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه . يحكي أمير المؤمنين على بن أبى طالب قصة زواجه فيقول : لقد تزوجتُ فاطمة وما لى ولها خادم غيرها، ولما زوجها رسول الله عليه السلام أرسل معها بخميلة ووسادة حشوها ليف، ورحاءين وسقاء وجرتين، فكانت تجرُّ بالرحاء حتى أثَّرت في يدها، واستقت بالقربة حتى أثَّرت القربة بنحرها، وكانت تنظف بيتها حتى تغبر ثيابها، وتوقد تحت القدر حتى دنست ثيابها. وكانت السيدة فاطمة -رضى اللَّه عنها- تشكو الضعف، وتشارك زوجها الفقر والتعب نتيجة للعمل الشاق الذي أثَّر في جسديهما. وعندما جاءت أباها لتطلب منه خادمة تساعدها في العمل لم تستطع أن تطلب ذلك استحياء منه، فتولى الإمام علي رضي الله عنه السؤال عنها وهى مطرقة في استحياء. لكن الرسول × قال لهما في رفق وهو يقدر حالهما: "ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟ إذا أوتيما إلى فراشكما، أو أخذتما مضاجعكما، فكبِّرَا أربعًا وثلاثين، وسبِّحَا ثلاثًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، فهذا خير لكما من خادم" والقصة في صحيح البخاري .
ومع هذه الحالة المتواضعة كانا يعيشان في راحة وهناء ، بل ورمانسية وعاطفة جياشة ، ولقد حدث وأن دخل علي بن أبي طالب رضي الله عنه على زوجته رضوان الله عليها وفي يدها سواك فقال يغازلها بشكل فريد رائع :
حظيت يا عود الأراكِ بثغرها أما خفت يا عود الأراك أراكَ
لو كنت من أهـل القتال قتلتك ما فـازمنـي يا سِواكُ سِواكَ

مع حالتهم المادية الصعبة ، وهموم دعوتهم ودينهم وجهادهم ، وبالرغم من قربهم من دائرة صناعة القرار في الأمة الإسلامية وما يمسها من ضغوط وتوترات ، إلا أن هذا لم يخلع عنهم ثياب الرومانسية والعاطفة .
وفي واقعنا المعاصر القصص الكثيرة ، فقط قلب ناظريك وسترى أناسا عاشوا السعادة ، واستمتعوا بالحب رغم ما وجدوه من مصاعب وهموم ومشكلات .


ومما قرأت عن المؤرخ الأميركي ويل ديورانت ـ مؤلف الموسوعة الشهيرة قصة الحضارة ـ أنه تساءل ذات يوم عن السعادة وكيف يمكن اقتناصها ، فبحث عنها في المعرفة فلم يجد سوى خيبة الأمل ، فالتمسها في الترحال والسفر فلم يجد إلا السأم والملل ، حاول التماسها في المال والثروة فلم يحصد سوى النزاع والقلق ، فجرب أن يبحث عنها في كتاباته فلم تسعفه سوى بالمشقة والتعب ، وفي أحد الأيام وبينما هو واقف قبالة محطة القطار شاهد امرأة تنتظر في سيارة وطفلها نائم بين ذراعيها . بعد ذلك نزل رجل من القطار بلهفة وأسرع إليهما ، ثم قبلها برفق ، وقبل الطفل بنعومة كي لا يوقظه ، ثم انصرفت العائلة في سعادة وحبور واضحين، وقد تركا "ديورانت" في إدراك جديد ، لقد تعلم من أحد مشاهد الحياة العابرة أن كل وظيفة طبيعية في الحياة تحمل قدرا من السعادة والبهجة .
وأننا لا نشعر بهذه السعادة إلا في حالة تطلعنا إلى سعادة شخص آخر ، وقارنا بين ظروفه وظروفنا ، بالرغم من اختلافنا .. وتضادنا في بعض الأحيان .
لا نشعر بالسعادة حينما نخطئ البوابة المخصصة لنا ونحاول الدخول من أخرى لم تناسبنا .

على الأرض ـ لا على المريخ ـ يمكننا أن نستمتع بالحياة ، ونتوافق معها ، ونتعايش مع معطياتها ، بلا تصادم أو عصبية ، نعطي للهموم قدرها ، وللمشكلات نصيبها ، وللآلام حظها ، لكن لا ننسى أبدا أن نستمتع بها ، ونرى الجانب المشرق فيها ، ونقول لزوجاتنا ـ بيقين ـ أنهن أجمل من البدر .

مهما كانت ظروفك ، مهما كان عملك .. أنت قادر على أن تحيا سعيدا لو أردت !

الاثنين، 1 سبتمبر 2008

رمضان وحساب الذات


التاجر الناجح ، هو الذي يقف بعد موسم تجاري عنيف ليحسب أرباحه وخسائره .. يحصي موارده .. يقيم خطواته .. يرسم خطته للموسم القادم ..

والمسلم الناجح ليس بأقل من هذا التاجر في شيء .. فلقد جاءه شهر مثالي كي يريح فيه الذهن والفؤاد لبرهة من تعب الحياة ومشاقها ، ويجلس مع نفسه ليقيم خطواته السابقة ، ويحاسب نفسه ، ويُخرج ما في صندوق حياته من مغنم ومغرم ..


أنا لا أتحدث لمن يعيش على موائد رمضان الزاخرة بأطايب الطعام .. ولا لمن رأى أن هذا الشهر هو للعبادة حتى إذا ما انتهى عاد سيرته الأولى ..

إني أتحدث إلى نفسي أولا .. وإلى من فتح دفتر حساباته وأدنى مصباح الضمير ليرى بوضوح نتائج المرحلة ..

أتحدث إليك يا صديقي كي تقف مع نفسك قليلا .. لتأخذ من هذا الشهر فائدة للدهر ..

آه لو أدري ..
ـ أن الإسلام قد تعرض لظلم من أبنائه ـ وأنا أحدهم ـ أكبر مما تعرض من أعدائه ، فلقد مارسنا على الإسلام جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد ، حينما حصرناه في قواعد نظرية ، ولم نخرجه للناس سلوكا واقعيا ، ظلمناه عندما اختزلناه في أحكام فقهية ، وتناسينا أنه قيم تحتاج لمن يطبقها على أرض الواقع لتخبر العالم أجمع أن لا سبيل سواه لتغيير وجه الأرض إلى الأفضل .
آه لو أفهم ..
ـ أننا لو أعطينا لللإسلام خمس ما نعطيه للهونا ولعبنا ، أو عشر ما نعطيه من اهتمامنا بتجارتنا وأموالنا ، لكنا قد قدمنا لهذه الرسالة الكثير والكثير ..
آه لو أعلم ..
ـ أن حرث الدنيا ـ رغم بريقه ـ فان ذاهب ، وأن حرث الآخره ـ رغم مشقته ـ باق خالد .. وأن الله جل اسمائه ، قادر على أن يستبدلنا بقوم ( ليسوا أمثالنا) لكنه رحيم رءوف ..
آه لو فكرت ..
ـ في أن الغنى في القلب ، والسعادة في الإيمان ، والراحة في القرب من الله .. وبأن الحياة دون الطمع بما عند الله موحشة ليس لها طعم .. وإن وجد فطعم زائف ..
آه لو لم أعي ..
أن أول من تسعر به النار قائل لم يفعل ، دعا الى الله ولم يهم إليه ، أشار إلى الطريق فهدى الناس لكنه أدار له ظهره ..
رضي من الدنيا بمقولة ثناء .. ورداء فخر .. وتصفيق معجبين ..
لكنه في الآخرة صفر .. على الشمال .

الاثنين، 25 أغسطس 2008

الفلاح قبل النجاح


أن تنجح أمر جميل ، مطلب مشروع لمن امتلك الطموح والرؤية والهدف ، وما أتفه من لا يطلب النجاح ويعمل من أجل اقتناصه .
بيد أن هناك شرك خفي يسكن بين ثنايا ذلك المطلب العظيم ، وهو أن يلهينا النجاح الدنيوي عن الفلاح الأخروي ، أن تسحبنا تيارات النجاح والتفوق والتقدير إلى أن ننسى أو نتناسى أن هناك غاية أسمى وهدف أرقى من مجرد النجاح الدنيوي الفاني .
إن المنهج الإسلامي ما برح يؤكد على حقيقة هامة جدا وهي أن الدنيا مطية المؤمن إلى الجنة ، وشرك المفتون إلى النار .
فهي زاهية متألقة ، بالغة الحسن والجمال ، رائعة المذاق ، خاصة لمن لم يرى سواها ، ولم يعايش معاني الآخرة ، ويرى الجنة والنار كما وصفهما الله ورسوله .


حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم بالغ في التشديد على أتباعه بألا ينساقوا وراء متع الحياة وزخرفها ، فنراه يقول صلى الله عليه وسلم : ( أبشِرُوا وأمِّلُوا ما يَسُرُّكم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم ، ولكني أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم ، فتنافسوها كما تنافسوها ، فتهلككم كما أهلكتهم)). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. .
هنا النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعني تطليق الدنيا كما قال غلاة المتصوفة ، ولم يطالب اصحابه بتركها لشياطين الإنس والجن ليعيثوا فيها فسادا ، وإنما طالبهم بالعمل والاجتهاد والرقي الدنيوي ، ولكن ليس للدرجة التي تجعلهم يهتمون بالمظهر دون الجوهر ، والتعلق بالسبب ونسيان الغاية الكبيرة .
إن المسلم يجب أن يحب الحياة كي يستطيع العطاء ، يجب أن يتعامل معها بجدية ويعمرها ويجتهد في جعلها أجمل وأروع مما كانت قبل مقدمة ، ولكن ليس على حساب العطاء الأخروي ، يجب أن يكون نجاحه في الدنيا سببا مباشرا في نجاحة الأخروي ، عبر التزامه بالمنظومة القويمة للخلق ، والتنمية المستمرة للضمير ، والتعامل بيقظة تامة مع النفس وشطحاتها .

لعلك ستدهش لو أخبرتك أن لو كان هناك لائحة كلائحة مجلة «فوربس» المهتمة بمجال المال والأعمال في العصر النبوي ، لكان على قمة أغنى أغنياء العالم عدد غير قليل من المسلمين المجاهدين ، والصحابة العظماء .
وذلك لأن المسلم ليس مقطوعا عن الدنيا ، أو كارها لها ، بل المسلم الحق هو من يملك الدنيا بين يديه ، ويأبى أن يضعها في قلبه أو يعطيها وزنا لا تستحقه .
الصحابي عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه ، أحد العشرة المبشرين بالجنة ، وثامن رجل يحمل لقب مسلم وهو في الثانية والعشرون من عمره ، هاجر للحبشة ، ثم إلى المدينة ولم يكن يملك في هجرته للمدينة من الدنيا سوى ملابسه التي تستر سوئته ، وكانت أول كلمة قالها بعد نزوله للمدينة ( دلوني على السوق) ، فأصبح ـ وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة ـ من أغنى أغنياء المسلمين ، حتى أن طَلْحَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْفٍ، قَالَ : كَانَ أَهْلُ المَدِيْنَةِ عِيَالاً عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ: ثُلُثٌ يُقْرِضُهُمْ مَالَهُ، وَثُلُثٌ يَقْضِي دَيْنَهُمْ، وَيَصِلُ ثُلثاً.
ومع هذه السعة ، وذلك الرزق الكبير ، كان يشغل باله أمر الآخرة ، ولا ينسى أبدا عِظم الغاية التي يعمل من أجلها ، فنراه ذات يوم بجري إلى أُمِّ سَلَمَة َويسألها جزِعا : يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ! إِنِّي أَخْشَى أَنْ أَكُوْنَ قَدْ هَلَكْتُ، إِنِّي مِنْ أَكْثَرِ قُرَيْشٍ مَالاً، بِعْتُ أَرْضاً لِي بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفِ دِيْنَار.
قَالَتْ: يَا بُنَيَّ! أَنْفِقْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: (إِنَّ مِنْ أَصْحَابِي مَنْ لَنْ يَرَانِي بَعْدَ أَنْ أُفَارِقَهُ).

ولو فتشت يا صديقي في كتب السير ، وتأملت أخبار الصحابة والعظماء لوجدت منهم كثر أصحاب مال وجاه ، كأبي بكر الصديق وعثمان بن عفان رضي الله عنهم وغيرهم ..
ومع ذلك سترى ثبات أقدامهم على طريق الحق ، وروعة تسخيرهم للدنيا في سبيل الآخرة ، وكيف أنهم سيطروا على أطماع النفس والهوى ، فكانت الدنيا تحت أقدامهم جارية يأمروها فتطيع غير مسوفة .
إن ما أطمع أن تنتبه إليه يا صاحبي وأنت تسير في الحياة أن تهتم بالنجاح ، وتعمل من أجل الرقي ، ولا تتنازل عن أن تكون رقما صعبا فيها .. ولكن .
إياك أن تنسى أن الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة ، وأن أفضل الأساليب في التعامل معها هو معرفتها على حقيقتها ( محطة نستقل بعدها قطار اللاعودة ) ، حيث نسكن في دار الخلد .
وأن النجاح يجب أن يستتبع الفلاح .

الثلاثاء، 19 أغسطس 2008

لبيـــــك


بالرغم من انتعاشة كرامتنا وفورتها ..

وبالرغم من حفظنا لماء وجوهنا من أن يسيل مهدرا شيئا من عزتنا وكبريائنا ..

إلا أننا في حالات قليلة نضطر إلى أن نسيل ماء وجوهنا ـ وبلا تحفظ ـ على أعتاب من نحبهم ..

نكسر في بعض الأوقات الحظر المفروض على شفاهنا فتتوسل .. وأعيننا فتدمع .. وجباهنا فتتطأطأ ..

لا نحزن ولا نخجل من هذه التنازلات التي نقدمها بين يدي من نحب

فقط كل ما يهمنا .. ويقلقنا .. ويشغل بالنا ..

أن يقبل المحبوب هذا الفداء

الجمعة، 8 أغسطس 2008

هيء مكانا لسيارتك المرسيدس

هيئ مكانا لسيارتك المرسيدس ؟

أبغض المثالية المفرطة ، وأحب الواقعية التي تشعرني باحترام من يخاطبني لعقلي وإدراكي !.
من هذا المنطلق دعني أطلب منك يا صديقي أن تبدأ في البحث عن مكان مناسب لوضع سيارتك المرسيدس التي ستشتريها يوما ما ..!
لماذا تظنني مازحا ، أو واهما ، أو أحلق في الخيال ..
ما أود إيصاله لك في هذه الفقرة أن أحلامك الكبيرة يجب أن تنظر إليها بأهمية كبيرة ، وتراها شيء لا يحتاج سوى إلى ( بعض الوقت ) .


لمايكل أنجلوا الرسام العبقري عبارة رائعة تقول : الخطر الأعظم بالنسبة لمعظم البشر ليس في أن يكون هدفنا كبيرا عاليا لدرجة صعوبة تحقيقه ، وإنما في أن يكونا بسيطا متواضعا سهل تحقيقه ! .
نعم الخطر أن نرضى بالأحلام والأهداف المتواضعة ، بالرغم من أن قدرة معظمنا كبيرة ، ونستطيع بقليل أو كثير من الجهد أن نحقق ما ظنناه يوما ما شيء خيالي غير قابل للتحقيق .
إن المرسيدس لا تعني السيارة في ذاتها ، وإنما تعني كل حلم عظيم .
سواء كان هذا الحلم حفظ القرآن كاملا ، أو في أن تصبح مليونير ، فالأمر سيان ، حدد هدفا كبيرا وآمن به ، وابدأ في أخذ الخطوات التي ستوصلك إليه .
ولعلك لا تدرك حقيقة في غاية الأهمية والوضوح وهي أن الحلم الكبير لا يحتاج إلى مجهود أكبر بكثير من الحلم الصغير كي يتحقق .
نعم أن تصبح موظفا عاديا في دائرة حكومية ، تمارس عملا واحدا طوال سنوات عمرك ، لن يكلف أقل مما سيكلفك أن تصبح صاحب شركة أو تدير عملا خاصة .
فقط قليل من الجهد ، قليل من المخاطرة ، قليل من التعب والدراسة ، ولكن كثير من الشجاعة .

أرى هذا الأمر بوضوح مع أصدقائي من المؤلفين والكتاب ، فمنهم من يكتب كتابا رائعا وغاية أمله أن يبيع منه ألف نسخة كي يشعر بالسعادة والنجاح ، وهناك من لا يعترف بالنجاح البسيط ولا يهدأ باله قبل أن يتم توزيع خمسون ألف نسخة أوأكثر، والفرق بينهما ليس في قوة ما يحتويه الكتاب من معلومات وآراء وأفكار ، وإنما فيما يحتوي صدر كل منهما من طموح وعزيمة وإصرار .


النفس يا صديقي تهوى الراحة والركون ، والهدف الكبير يستفزها فتحاول أن تثنيك عن تحقيقه ، وتراهن على فشلها في بلوغه ، وتُظهر لك العقبات والمشكلات التي تنتظرك .
هنا يجب عليك أن تلجمها بلجام همتك ، وتثيرها بنشيد حماستك ، وتنقل لها شحنة الاصرار التي تحركك .
وستقابل بلا شك يا صاحبي من يحاول إثنائك عن تحقيق هدفك ، وخلخلة ثقتك في إمكانية الوصول إليه ، فلا تصغ إلى صوتهم ، ولا تهتم بأمرهم .


محمد بن أبي عامر كان شابا في العشرين عندما تمنى أن يصبح أميرا على قرطبة ، سخر منه أصدقائه وذكروه بأنه كاتب رقاع وأقصى ما يمكنه تمنيه ظل جدار في شوارع قرطبة يجلس إليه ليكتب رسائل الناس مقابل درهم أو درهمين .
وليست سوى سنوات قليلة إلا ويصبح محمد بن أبي عامر أميرا على الأندلس كلها لا قرطبة وحسب ، وينشى الدولة العامرية صاحبة الفتوحات الكبيرة والانتصارات الرائعة .

بل دعني أذكر لك مشهدا أثار العالم في فترة السبعينات ، ففي عام 1977 نُشر خبر مثير مفادة أن سيدة من ولاية فلوريدا بأميركا وتدعى لورا شولتز وتبلغ من العمر 63 عام استطاعت أن ترفع مؤخرة سيارة بويك لتحرر ذراع حفيدها من تحتها ، بالرغم من أن هذه العجوز لم تقم برفع شيء يزن ربع وزن السيارة الت رفعتها .
أثار هذا الأمر فضول كثيرين ، وذهبت إلى بيتها معظم وكالات الأنباء كي يجروا معها لقاءات تتحدث فيها عن تلك القدرة الخارقة .
وكان ممن اهتم بهذا الأمر أحد الكتاب المهتمين بالتطوير الذاتي وتنمية الشخصية ويدعى تشارلز جارفيلد ، فذهب إليها بيد أنه وجدها حزينة ومكتئبة ولا تريد التحدث في هذا الأمر ! ، فتودد إليها تشارلز ، إلى أن قالت له أنها حزينة جدا لأن هذا الأمر ـ رفع السيارة ـ قد حطم معتقداتها بما يمكنها تحقيقه ، وزعزع لديها بعض الثوابت الخاصة بما هو ممكن وما هو مستحيل .
وقالت له : ( إن ما يؤلمني أنني فعلت في هذا العمر شيئا كنت أراه مستحيلا من قبل ، فما الذي يعنيه ذلك ؟ ، هل يعني أن حياتي كلها قد ضاعت ولم أحقق أشياء كثيرة فيها كنت أراها مستحيل !؟) .

لقد توقفت أمام هذه الكلمة الأخيرة وسألت نفسي :
ـ هل يجب أن أرفع سيارة أو أفعل شيئا خارقا كي أثبت لنفسي أني قادر ـ وأنا في الثلاثين ـ من حفظ القرآن الكريم كاملا ؟ .

ـ ألا يجب أن أعيد النظر في مستوى طموحاتي لأرفعها عاليا ما دام تحقيقها ليس بالشيء المستحيل ؟ .
ـ هل يجب أن أولد غنيا ، أو أحترف السرقة كي أمتلك سيارة ومنزل جميل ومستوى اجتماعي يرضيني ؟ .
سبحان الله ، حتى المطمح الأخروي يجب ألا نتواضع فيه ، فهذا رسول الله × يخبرنا أن : ( إذا سألتم الله ، فاسئلوه الفردوس الأعلى من الجنة ) .

ولكل منا مطمح وأمل ، فاختر من أحلامك أكبرها ، ومن آمالاك أعظمها ، وتوكل على خالقك وسله التوفيق ، وأرنا عزيمة الأبطال .

الخميس، 31 يوليو 2008

أشرق كالشمس

  • أشرق كالــشمس


  • هناك جملة من الأشياء التي تلتبس على المسلم في حياته نظرا لتشوش رؤيتنا لها وعدم التأمل في مغزاها وقوتها في تنمية الشخصية وأهميتها في توضيح المبدأ والقيمة التي نحملها .
    أحد أهم هذه الأشياء هو تزكية النفس ، وإبراز محاسنها ، وتسويق خصالها المبدعة الفريدة .
    إننا نؤمن امتثالا لقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، أن التواضع هو سمة من سمات الصالحين وأن ( من تواضع لله رفعه ) وهذا شيء لا جدال فيه ، ففضلا عن كونه أمر نبوي فإنه كذلك مطلب روحي وعقلاني لا يختلف عليه أي عاقل محب لانسانيته ويقدر قيمة الانسان في الحياة .. ولكن .
    هل معنى هذا ألا يقف المرء في أوقات تتطلب أن يعدد نقاط قوته وأفعاله الحسنة وحجته أن التواضع مطلوب .

  • دعوني أوضح الأمر أكثر ..

    اليوم في سوق العمل وفي ظل المنافسة الشرسة يظهر جليا الشخص المبدع الذي يتقن إبراز إبداعه وتفوقه ، ويختفي من على الساحة الفقراء والبسطاء والأشخاص الأقل احترافية في تسويق أنفسهم مهما كانوا نابغين أو متميزين .
    تعالوا لنتأمل شيء أعمق وأكثر وضوحا ، بالرغم من كون الاسلام أحد أعظم المناهج الأخلاقية على وجه الارض إلا أننا دائما متهمين بالارهاب والعصبية وضيق الافق وعدم قبول الاخر ، وأننا نعشق العنف والدم ونتلهى في أوقات فراغنا بتعذيب من يخالفنا المعتقد والدين .. فهل هذا كلام حقيقي .

  • أترك لك الاجابة .. وأطرح سؤال آخر ..
    بالرغم من كون اليهود أقل عددا ، يفتقرون إلى منهج قويم محترم يطرحوه للعالم ، الخلفية المتعلقة بهم في الأذهان أنهم بخلاء طماعين يفقأون عينك إذا لم ترجع لأحدهم فوائد المال الذي أقرضك إياه ، ولعل من قرأ رائعة شكسبير تاجر البندقية يدرك ما أقول . وبالرغم من ذلك استطاعت هذه القلة المكروهة أن تسوق جيدا لثقافة الهولوكست وتروج لنغمة الاضطهاد ، وتخلق مفهوما يخصها وهو السامية .
    فكيف نجح اليهود في هذا .. أترك لك الإجابة ..

  • ثم أتساءل ثالثة ..
    هل من الحكمة أن ندفن كنوزنا الحقيقية في باطن الأرض في الوقت الذي يبيعنا فيه الآخر بضاعته الركيكة على أنها ذهب خالص بالرغم من كون بريقها لا يتعدى القشرة الخارجية ؟؟ .
    إننا يا أصدقائي بحاجة إلى أنتقن فن تسويق ( النفس و الدين والقيمة والخلق ) .



  • التقيت ذات يوم بالمفكر البريطاني ( دواوود بيدكوك ) رئيس المركز الاسلامي البريطاني ، وهو أول مركز إسلامي يؤسس في بريطانيا على خلفية رواية سلمان رشدي ( آيات شيطانية ) ، قال لي وقتها عندما سألته لماذا يتحمس دائما من يدخل الاسلام لخدمة الدين عن المرء الذي ولد مسلما أبا عن جد ، فقال لي : لآننا نأتي من هناك حيث العدم ، فنرى إلى أي مدى بلغت عظمة هذا الدين ، ونرى كذلك الخيبة التي تتملك المسلم في التسويق لبضاعته من القيم والاخلاق والمبادئ والحسن من السلوك والأفكار ، وقال لي بالحرف ( يا صديقي أنتم أفشل مندوبي مبيعات لبضاعة رائجة مطلوبة ) .



  • إننا مطالبون يا صديقي أن نُظهر روعة ما نملك ونخرجه للناس ، إن اللؤلوة تظل شيئا ليس ذو قيمة طالما مخبئة في محارة في عمق البحر ، ولا تظهر قيمتها إلا في عنق امرأة وهي تلمع في سحر يخطف الألباب .
    هل تتفق معي في هذا يا صديقي ..؟
    إذن .. اشرق كالشمس ..
    كن لؤلوة تخطف الألباب .. غازل العيون والأفهام وتألق في عنق هذا الكون

الثلاثاء، 29 يوليو 2008

إزدواجية


كانت محاضرة اهتز من رقتها كل من في المسجد ..

لم أستطع أن أمنع دموعي من أن تنهمر وهي تستمع إلى الشيخ الفاضل وهو يحدثنا عن الزهد وتطليق الدنيا كما فعل الأنبياء والصديقين ..

حكى لنا بصوت متهدج كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يربط حجرين على بطنه من شدة الجوع ..

روى لنا وصوت نحيبنا يرتفع كيف أن بيته ـ بيت النبي بالطبع ـ لم يوقد فيه نار ، أو يطهى فيه طعام شهرا كاملا أو أكثر ..

حرك فينا الشيخ معاني الزهد والرضا وعدم الطمع ..

بعد انتهاء المحاضرة خرجت مسرعا من المسجد وحذائي بين يدي كي ألثم كف هذا الشيخ الرباني ..

لكنه وللأسف الشديد انطلق مسرعا من الزحام وغبار سيارته الـ BMW تعمي العيون .

الأحد، 27 يوليو 2008

أنا والإخفاق

أنـــا والفشل
تعالوا يا أصدقائي لأخبركم بأشياء عن حياتي الخاصة .. لالا لن أمدح نفسي وافرد خصائصها وإلا سأواجه مشكلة أن أقصر بوست في مدونتي هو الذي خصصته لإفراد مزاياي .
فسواء شئت أم أبيت فكل إنجازاتي في الحياة مع ما لدي من مبالغة وسجع وتفصيل لن تسعفني بأكثر من سطرين أو ثلاث على الأكثر .

لذا دعوني هذه المرة أحدثكم عن بعض إخفاقات حياتي .. وماذا في ذلك سأحدثكم عن عيوبي .. أبشروا إذن .


مرض القراءة

سامح الله من أعطاني الرواية الأولى (للمغامرين الخمسة ) فمنذ تلك اللحظة التي لا أستطيع تحديدها بدقة وحتى اليوم أصبحت القراءة إحدى أهم سلوكياتي الحياتية ، ليس في الأمر ما يشين حتى الآن فطالما سمعنا أن القراءة شيء مفيد وهام ، لكنكم لو عدتم معي إلى الخلف قليلا ورأيتم ما فعلته بي القرآة لتغيرت وجهة نظركم .. تماما .

فصاحبكم يا أصدقائي وطوال أعوام الدراسة كلها ، وهو لا يقرأ سوى ما يحب ويهوى ، وبالطبع لا مكان لكتب الدراسة في هذا الهوى ، كان طبيعي جدا ألا أحضر دروسي ، وإذا حضرتها فلأمر طارئ وحينها تكون رواية إحسان عبدالقدوس ، أو كتاب لمصطفى محمود ساكنا بين دفتي الكتاب المدرسي .

لهذا فأنا أعترف أنني كنت من أفشل الطلبة من ناحية التحصيل الدراسي وهذا ما دعا أبواي ذات يوم إلى صنع ( هولوكست ) لي ولكتبي !

فذات يوم وعند عودتي إلى منزلي الصغير وإذا بتجمهر عائلي في حديقة بيتنا ، توغلت قلقا والعيون ترمقني بأسف وإشفاق ، حتى وصلت إلى منتصف الدائرة وإذا بنار مشتعلة قارب لهبها أن يعانق سماء الشتاء الكئيبة ، ورأيت كالنائم على أطراف النار ورقة ليست غريبة علي !

إنها غلاف رواية ( في وادي الغلابة) لإحسان عبدالقدوس ، دققت ثانية ، سحقا !! إنه غلاف كتاب الأذكياء لابن الجوزي ، وهذه الأوراق الصفراء هي ما تبقى من روايات رجل المستحيل وملف المستقبل ، وهذه المجلة الزاهية هي الدليل أن قسوة أهلي لم تستثني حتى مجلات ميكي وسمير .

بالضبط 307 كتاب وقصة تم حرقهم في هذا اليوم المشؤم ، لا زلت أذكر يومها صوت جارتنا الأستاذة / عزيزة مديرة المدرسة الابتدائية وهي تقول : ( والمسيح الحي ما هذا بفعل العقلاء ، ابنكم صبي مثقف ، انكم تحرقون مستقبله ) .

وغاب صوت جارتنا القبطية وسط توعد الأب والأم والجدة والعمة وباقي أعضاء المذبحة من الويل مني إذا لم ألتفت لدراستي وأترك تلك الترهات ( اللي هتوديني ف داهية ) .

***

لعنة الانجليزي

بالرغم من كوني لا أعترف بما يسمى ( عقدة حياتي ) لكن عندما يتعلق الأمر باللغة الانجليزي ، أجدني آسفا مضطرا لمخالفة ما أدعوا إليه وأقول ( الانجليزي عقدة عمري ) .

لا يمنع هذا من كوني ترجمت جل كتبي إلى لغات أخرى . . ( اللي فاته الميري )

***


لذة النوم

هناك ثمة عبارة مشهورة عني ، لا أشك أنها ستصبح ملكا خالصا لي في يوم من الأيام ، وأكون جاهزا لمقاضاة من ينسبها لنفسه ويعتدي على حقي الأدبي فيها ، هذه العبارة هي ( إذا كان النوم يباع ويشترى لكنت أحب زبائنه ) .

فأنا يا أصدقائي رجل يحب النوم كحبي لصغاري ( مهند ومعتز) ، ولم أقتنع يوما بالنوم المتقطع أو البسيط ، حتى أيام المحن والمشكلات ، يظل النوم هو أحد أحب أصدقائي إلى قلبي .

أنام ثمان ساعات ، لكن لا بد أن يكونا متواصلين ، وإذا ما أيقظني أحدهم ، فلا بد أن يبدأ العداد من الساعة ( صفر) .


***

كائن ليلي

للأسف هذا أنا ، أعشق السهر ، وحلم عمري أن أعيش كالبشر أستيقظ صباحا وأنام ليلا ، لكنها والله أعلم شيء في جيناتنا الشاذلية ، فنحن عائلة ينتمي معظم أفرادها للعمل الخاص ، وليس بيننا وبين الدوام الرسمي عمار ، لذا فبقليل أو بكثير من الحيل نوظف أعمالنا لتناسب طريقة عيشنا لا العكس .

حزينا أكون وأنا أصلي الفجر ، والجميع يحييني ( صباح الخير ) ، وأنا أرد عليهم بصوت أقرب للهمس ( مساء النور) .


***

العزلة

أنا شخص يعشق العزلة والتحليق وحيدا بعيد عن البشر ، يكفيني في الحياة قلب واحد يشعر بي كي أكتفي به وأعلن اعتزالي مخالطة الناس .

يسبب هذا الأمر حرجا بالغا لي مع أصدقائي الذين لا أخالطهم بشكل طبيعي ، ويبحثون عني بالأيام وأنا قابع خلف مكتبي أقرأ أو أكتب أو ألعب (FIFA2007)

لكنني ـ أبشركم ـ بدأت في إجبار نفسي على مخالطة البشر ، ومودة أصدقائي ، فأخشى ما أخشاه ألا أجد أربعة منهم يحملونني إلى قبري حينما ينادي منادي الموت على اسمي.


***

الهمجية

فكرت ألا أكتب هذا الاعتراف ، لكن دعوني أخرج ما بصدري ، أنا إنسان همجي جدا .. بمعنى ..

ـ مكتبي إن كان مرتبا فأنا في حالة نفسية سيئة ، الويل لزوجتي إن فعلتها ..


ـ لا بد من وجود أكثر من ثلاث أكواب فارغة وبعض فنجاين القهوة على مكتبي ، تلك المثالية الزائدة التي تدفع زوجتي لرفع الكوب الفارغ ووضع الممتلئ مكانه تقتلني ..


ـ أكره الحلاق ككرهي لشيمون بريز أو أكثر قليلا ، ليس بالشيء المحبب بالنسبة لي أن أضع رقبتي تحت يد شخص كل مؤهلاته أنه يمتلك عدد لا بأس به من المرايا ، وبضعة مقصات نصفها تقريبا بارد ( المقصات لا الحلاق) .


ـ لا أعرف كيف أمسك القلم ، دائما ما أكتب على ( الكيبورد) ، ولسسب لا أعلم دائما ما أنسى حفظ ما أكتبه ، لذا فانقطاع التيار الكهربي بالنسبة لي يجعلني ألعن إهمالي الذي جعلني لا أقوم بالمعادلة السحرية ctrl+s .





الجمعة، 25 يوليو 2008

حب ينتظر إسدال الستار


هل أخبرك من قبل أن الشمس تشرق من أحداق عينيك ؟
هل همس بأذنك أن القمر يستمد ضوءه من إشراقة جبينك ؟
هل أقسم لك بأغلاظ أيمانه أن الطيور لا تغادر أعشاشها إلا لتلقي عليك تحية الصباح ؟
حتى وإن قال هذا .. وأكثر .
حتى وإن وقع غزله في وجدانك موقعا مرغوبا .
الحب يا صغيرتي لا يكون خالصا ، إلا إذا أحبك على كل أحوالك ، أحب خطأك قبل صوابك .. هواك في غضبك ورضاك .
هام بك في إشراقك وغروبك ..
طلب ودك في إقبال الدهر عليك وإدباره .
الحب أن يحبك أنت .. كما أنت ..
وغير هذا .. حب ينتظر إسدال الستار

الثلاثاء، 22 يوليو 2008

زوجتي ليست فتاة أحلامي!

زوجتي ليست فتاة أحلامي
أنا لم أتزوج فتاة أحلامي !
أقولها وأنا غير مكترث مما سيحدث إذا ما قرأت زوجتي هذا الاعتراف يوما ما .
فاعترافي هذا ليس من باب الشكوى والحسرة ، بل هي معلومة أقولها لكل من لم يرى جيدا أبعاد المعادلة .
معادلة الزواج الناضج .


فبالرغم من كوني أضع الحب أساسا للزواج ، وأهيب بمن يتقدم من أجل الزواج أن يختبر مدى حبه ووله للطرف الآخر ، تماما كاختباره لأخلاقها ودينها وطيب أصلها ، إلا أنني أرى أن الحنين لفتاة الأحلام ومقارنة الزوجة الحالية بها ، هي مقارنة ظالمة وباب خلفي للهروب من متطلبات الواقع .
فبالرغم من أن للشعراء شطحات إلا أن منطق نزار قباني أعجبني حيث قال يوما لفتاة أحلامه ( فاتن وجهك .. لكن في الهوى لا تكفي فتنة الوجه الجميل) ، فالمعدة الخالية والجوارب المثقوبة والقميص ذو الزر الضائع قادرين على تفاهتهم على اختصار المساحة بين الوجه الفاتن والوجه الغاضب .


ولسبب لا أعلمه تتغير النساء ـ كل النساء ـ بعد الزواج .
إنهن يتعاملن مع الزواج وكأنه نهاية المطاف ، ويصبح التجمل والتأنق ـ بعده ـ حاجات غير ذات جدوى ، تماما كالمذاكرة بعد تأدية امتحان آخر العام !! .والزوج المسكين ما يفتأ يرى وينظر ويقارن بين تلك المرأة التي أعيا كاهلها هم البيت والالتزامات اليومية ، والأولاد ، وبين الحسناء الرائعة التي تمناها في خياله أيام وليال طوال .
والنتيجة كما نعلم مزيد من الحنق .


وهذه المقارنة ظالمة وغير واقعية ، ولن تجدي نفعا صاحبها ، بل على العكس ستحيل عيشتة إلى جحيم مستعر .
أنا يا عزيزي الزوج أجبرت نفسي أن تقول كل صباح ( ليس في الإمكان أفضل مما كان ) ، فزوجتي الحالية هي أفضل ما يمكنني الحصول عليه ، فالطموح ـ صدقني ـ غير مجدي بعد الزواج .
فلنبحث عما يمكن أن يثري الحب ويغذيه ، ولن تُعدم زوجاتنا ما يجعلنا هائمين بهم ! .

السبت، 19 يوليو 2008

أفكار صغيرة .. لحياة كبيرة .. بأقلام جديدة !!


أفكار صغيرة .. لحياة كبيرة .. بأقلام جديدة !!

كتب: محمد الشرقاوي
أشعر أحياناً.. أن زملاءنا الذين يكتبون بالصحف المستقلة والمعارضة يرون أن مجتمعنا أصابه الترهل.. ولم يعد قادراً علي إنجاب نوابغ في مختلف المجالات.. كلماتهم تعكس رؤية محبطة في مجتمع أصابته الشيخوخة من كثرة ما يحدث من تجديد لمدة خدمة قياداته في كثير من المواقع..

ويرون أنه لابد من إعادة الحيوية إلي الوطن.. وضخ دماء الشباب في شرايينه وتبدو كلماتهم يائسة.. وكأنهم لا يرون النصف الآخر من الكوب.. ويكتفون فقط بالبكاء علي اللبن المسكوب.. مع أنهم لو دققوا النظر في أحوالهم هم فسوف يجدون أن أعمار هؤلاء الذين يهاجمونهم بعنف.. وينتقدون أوضاع البلد بشراسة.. هم دماء جديدة.. وهم بكل المقاييس دماء شابة.. في شرايين الوطن..

أكثر الناقدين.. والغاضبين.. شباب يغوص في قاع المجتمع.. ويكتب بحرية لم نر مثلها في سنوات سابقة.. حتي الكتب التي توزع الآن في كثير من المكتبات يؤلفها شباب ربما لم نسمع عنهم.. اذهب إلي المكتبات في المولات.. ومعارض الكتب.. وسوف تجد أن أكثر الكتب مبيعاً.. يعدها أو يؤلفها أسماء جديدة.. ومضمونها جديد.. توزع بأعداد تفوق أحياناً ما كان يوزعه كتاب لأديب مشهور.

تتواري الآن في تلك المكتبات مؤلفات الكبار أمام نوعية جديدة تخاطب جيل التقنيات والوجبات السريعة.. والبحث عن المال بأسرع وسيلة.. انظر إلي العناوين ستجدها تصب في إطارات متقاربة.. تبدأ بتنمية الموارد البشرية.. ولا تنتهي بنصائح حياتية.. مستمدة من الدين.. والتاريخ.

د. أحمد خالد توفيق.. واحد من أهم المؤلفين توزيعاً في مجال قصص ما وراء الطبيعة.. وقبله بالطبع الأكثر شهرة الدكتور نبيل فاروق.. هناك أسماء أخري عديدة لا يعرفها الكثيرون.. أسماء لمعت علي الإنترنت مما دفع بعض دور النشر إلي طبع كتاباتهم وتوزيعها.. مثل غادة عبدالعال.. وهناك مؤلفون ضيعوا سنوات من عمرهم يقرأون ويستخلصون من أمهات الكتب أفكاراً رأوا أنها تفيدهم في حياتهم.. وفكروا أن ينقلوها إلي الآخرين فطبعوها.. ومنهم محمد فتحي.. وكريم الشاذلي..

علي أن الأهم من كل ذلك أن بعض هذه الكتب يرتفع سعرها إلي أعلي من أسعار كتب عمالقة الفكر العربي..

قادتني صدفة جيدة هذا الأسبوع إلي إحدي المكتبات بأحد المولات الكبري وهناك لا تجد كتب العقاد وطه حسين.. ولا حتي نجيب محفوظ.. ربما لأن مكانها في مكتبات وسط البلد.. أو دور النشر القومية.. وربما أيضاً لأن الذين يرتادون هذه النوعية من المكتبات يبحثون عن كتب ليست تراثية.. كتب في مجال تنمية الشخصية والتطوير الذاتي.. كتب مطبوعة بألوان زاهية.. وأغلفة فخمة.. التقطت أحد هذه الكتب وكان ثمنه 25 جنيهاً وحجمه بالقطع المتوسط ولا يزيد عدد صفحاته علي 224 صفحة "ورق أصفر.. وعليه رسوم خضراء" ومنسق بدقة.. يجذبك لأن تشتريه حتي من قبل أن تعرف محتواه..

الغلاف كله عليه صورة المؤلف وهو شاب. تقرأه لأول مرة.. كريم الشاذلي هو لم يُعرِّف نفسه داخل الكتاب.. بل ترك صورته بالغلاف والكتاب يتحدث عنه.. أفكار صغيرة لحياة كبيرة.. هذا هو عنوان الكتاب.. وأسأل نفسي: هل عرف هؤلاء الكتاب الشباب كيف يخاطبون الجيل الجديد.. الذي لم يعد يطيق أن يقرأ جملاً صعبة.. وكلمات تحمل أكثر من تأويل؟.. هل استطاعوا أن يجذبوا هذا الجيل الذي يريد أن يفرغ من قراءة كتاب خلال رحلة من القاهرة إلي الإسكندرية.. أو إلي شرم الشيخ؟..

الكتب التي تتصدر المكتبات تقول إن بعضها أعيد طبعه أكثر من مرة.. ماذا يقول كريم الشاذلي في كتابه الذي يستحق التقدير؟.. في البداية تجذبك كلمات رقيقة في إهدائه الخاص يقول: "إلي من أري في عيونهم كم أنا جميل.. أحبكم.. كريم"..

تأمل كلماته الشاعرية وهو يخاطب قارئه في بداية الصفحات: "أحرفي هذه المرة مزيج من روح أيامي.. وآلام تجربتي.. وصيد تأملاتي.. وسجل ذاكرتي".. .. الكتابة عمل ثنائي يشترك فيه قلم الكاتب مع عقل القارئ لينتج معادلة النجاح.. أبغض التلقين وأكرهه.. وأري أنه استهتار بالعقل وتعطيل للفكر.. وإرهاق لطاقات وقتل لموارد.. واعتداء علي المواهب.. لذا أجد نفسي حانقاً علي حال التعليم في وطننا العربي.. والذي يخرج لنا أجساداً ترتدي شهادات.. وبعد 12 صفحة من التقديم يبدأ بالحديث عن "الكلمة طائر.. والقلم صياد.. ويري أن الأفكار رزق يسوقه الله إليك.. وأول نصيحة هي أن يقوم القارئ بتسجيل أي معلومة أعجبته أو ألهمته فكرة أو خطة عمل.. ليعود إليها فيما بعد حتي لا ينساها.. ففي دورات القراءة السريعة اليوم ينصح المدربون متدربهم بكتابة فقرات وملخصات للفصول أعلي الصفحات.. كي تساعدهم أولاً علي استيعاب وفهم الكتاب.. وثانياً للاستذكار السريع فيما بعد.. وإذا فعل قارئ ذلك.. فلابد أن يصبح ذات يوم مؤلفاً.. أو هكذا فعل كريم الشاذلي.. الذي له في المكتبات العديد من المؤلفات وكلها تنتمي إلي عالم الشخصية الساحرة.. والطريق إلي المجد والنجاح في الحياة

نقلا من جريدة الجمهورية بتاريخ 10/7/2008

الأحد، 13 يوليو 2008

شيء ما أرهبه ..!

المشكلات الصغيرة
أنا لا أخشى الكبوات الكبيرة ، فكثيرا ما كانت المأساة المفجعة بداية لإنجاز عظيم ! .
والمتتبع لسير العظماء سيرى جليا كيف أن هناك كوارث حدثت في حياة أناس فكانت هذه الكارثة بمثابة المشهد الأول في قصة نجاحهم وتميزهم وعبقريتهم .
لكن ما أخشاه حقا وأتهيبه هو تلك المشكلات الصغيرة المتراكمة التي لا نشعر بها ، والتي ما تلبث تحيط بنا حتى تغرقنا ونحن في غفلة من أمرنا .


إن القطرات الصغيرة ـ والتي لا يلقي معظمنا لها بال ـ تفعل الأعاجيب .
يحكى أن الصينيون كانوا يستخدمون إستراتيجية غريبة في التعذيب ، كانوا يجعلون السجين يستلقى على ظهره فوق لوح خشبي ويربطون يديه ويثبتون رأسه بواسطة كلابتين فلا يمكنه تحريك رأسه إطلاقا ثم يضعون المسكين تحت صنبور مياه تنزل منه نقطة واحدة كل 10 ثواني بشكل رتيب بحيث تسقط النقطة في منطقة التقاء الأنف بالجبهة !!!!

إنها مجرد نقطة مياه لا يمكن أن تلفت الانتباه ولكن الرتابة والتكرار المستمر يجعلانها سلاحا مروعا فيجن المسكين خلال يومين على الأكثر ثم ينهار جهازه العصبي ويموت !!!!.

ـ في حياتنا الزوجية تنهمر تلك النقاط عبر مشكلات حياتية فتحيل العلاقة في لحظة إلى كارثة مشتعلة .
ـ في عالمنا المهني ، مع المدير ، أو الزملاء ، أو من هم تحت إمرتك ، قد تذيب تلك النقاط حبال المودة بيننا .
ـ في علاقتك مع الله ، قد تحاصرك تلك النقاط التافهة ، وتأخذك معها إلى عالم الغفلة والنسيان ، فتنسى حقوقا وواجبات مفروضة عليك .

كل هذا ومعظمنا يستهين بتلك الأشياء البسيطة التافهة ، ولا يلقي لها بالا برغم تأثيرها المدمر.
أنظر معي لقول الحبيب صلى الله عليه وسلم ( إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه ولكنه قد رضي بالمحقرات من أعمالكم‏ ) ، ينبهنا رسولنا الكريم إلى أن الشيطان ( والذي هدفه إضلال الناس) ، يعمل على تضليل البشر من خلال الذنوب البسيطة المتتالية ، والتي قد تصل بالمرء المفتون إلى درجات أعلى من الكفر والإلحاد والعياذ بالله .
إننا بحاجة أخي الكريم أن ننتبه مليا إلى تلك الذنوب الصغيرة ، والمشكلات البسيطة ، ونتغلب عليها أولا بأول ، قبل أن تكبر وتصنع بيننا وبين من نحب سدا عاليا ..
ولا تنسى أن عالي الجبال تكونت من صغير الحصى ، وأن نقطة الماء البسيطة تفتك بأشد الرجال قوة وضراوة .

الأربعاء، 9 يوليو 2008

إلى حبييبن

اضبط انفعالاتك واكسب شريكة العمر


كتب رابح بدير

تبدأ السعادة الزوجية بمعرفة كل طرف واجباته وحقوقه، وأهم خطوات نجاح تلك العلاقة السامية إدراك ثقافة المعاشرة ونبذ السلوكيات الخاطئة والعصبية الزائدة التي تفضي إلى متاهة الخلاف.


«كيف تسيطر على حياتك العاطفية وتكسب شريك عمرك؟» عنوان كتاب صدر حديثاً للباحث كريم الشاذلي، يطرح خلاله أهم خطوات نجاح الحياة الزوجية والطريق إلى السعادة والاستقرار بتنحية الخلافات جانباً لتجاوز العقبات والتمتع بالثقة ومشاعر المودة والرحمة.


يؤكد الشاذلي أن ثمة من يستطيع أن يحوِّل مشاكله إلى فوائد ويستشعر السعادة من خلال إدراك مغزى هذا الارتباط الذي يوثق علاقته بشريك العمر وأنه لولا الخصام والإعراض ما كان الرضا ولولا الدفع ما كانت الحركة، فالتجربة اختبار للمشاعر التي تتوطد بتجاوز الخلافات ومحاولة حلها بهدوء ومن دون عنف والإنصات باهتمام لوجهات النظر من دون سخرية أو استهزاء، وكما يقول المثل الإنكليزي «تجربة آلمتني وتجربة علمتني».


ينصح الشاذلي بمحاولة الزوجين احتواء المشكلة والتي تجعل كل طرف يخرج منها بخبرات تعينه على الحياة المقبلة، حيث كل الخلافات الزوجية ترجع إلى أسباب محورية منها الاختلاف الفطري، فالرجل له صفات تختلف عن المرأة من ناحية السلوك وأسلوب التعامل، لذا يجب أن يتفهم كل طرف «مزاج» الآخر ويختار الوقت المناسب للنقاش في أمور تخص حياتهما الزوجية.


تبدو مسؤولية الزوجة أكثر أهمية في توفير عوامل الاستقرار والهدوء داخل المنزل، وشعور الزوج العائد من عمله بالارتياح بعد الإرهاق، بدلاً من دخوله في دوائر توتر وقلق، مما يؤثر في تعامله مع زوجته ويجعله أكثر عصبية وتزداد حدة الخلاف بين الطرفين.


اختلاف فطري
يعد الاختلاف الفطري من أهم مسببات المشكلات الزوجية، فإذا كان أحدهما عصبياً وانفعاله زائداً، اشتعلت الخلافات البسيطة وكثرت التفاصيل اليومية والذي لا يجيد التعامل معها بهدوء تؤثر في سلامته النفسية والصحية. يأتي أيضاً الفهم الخاطئ لطبيعة العلاقة الزوجية ومحاولة إلغاء شخصية الآخر ورغباته في التعبير عن ذاته وعدم التعامل معه كمحور مستقل له طبيعته الخاصة وغياب التفاهم حيال المعاشرة الزوجية، كلها مشكلات خطيرة تواجه الزوجين وتنبع خطورتها من الجهل بأسسها والاعتقاد الخاطئ لدى الطرفين بأنها مسألة يخجل منها، من دون إدراك أنها الركن الأساسي في العلاقة الزوجية حسب ما نصت عليه جميع الأديان السماوية.


يوضح الشاذلي أن فقدان ثقافة المعاشرة من أبرز المحاور التي تنشأ منها المشكلات الزوجية ونجد أن معظم الخلافات التي يشكو منها الزوجان تندرج تحت هذه المحاور، مثل تدخل الأهل المستمر والقسوة والأنانية وكلها تنبع إما من الفهم الخاطئ أو جهل الحقوق أو سوء الخلق. كذلك عدَّد ثلاثة أنواع للمشاكل الزوجية الظاهرة وهي الإهانة المباشرة والخفية، كالغضب والحنق، والعابرة، كالسخرية والاستهزاء، والدائمة، كالبخل والعصبية.

يطرح الشاذلي سؤالاً على الأزواج عن أوجه الاستفادة التي ستعود عليهم من المشاكل الزوجية، فيسوق مثلاً شعبياً يقول: إن المشكلات الزوجية «كالبهارات» تعطي الحياة طعماً ورائحة، مؤكداً أن المشكلات الزوجية تزيد محصلة التجارب الشخصية وتعلم مواجهة ضغوط الحياة المقبلة، كذلك لها فوائد نفسية تتمثل في أن يتمكن كل طرف من إخراج ما في داخله من انفعالات وتوتر ليصبح هادئاً بعد ذلك، شرط أن تكون انفعالات محسوبة لا تتسبب للطرف الآخر بأية إساءة، وهي وسيلة لإفراغ الكبت الداخلي، فيستطيع الطرفان التغلب على مشاكلهما واكتشاف الحب في داخلهما.
المشاكل الزوجية وقفة تأمل، فمع زحمة الأحداث اليومية يحتاج كلا الزوجين وقتاً كي يراجعا حياتهما ويقوّما مسيرتهما الزوجية.


رعاية وحنان
هناك بعض الآثار السلبية التي تنتج من المشكلات الزوجية، بخاصة إذا تمت على مرأى ومسمع من الأبناء، لأنها تسبب لهم أضراراً نفسية بالغة، لذلك يجب أن تكون في أضيق الحدود لتدارك الانفعالات الزائدة كي تتلاشى قبل أن ينتبه لها الصغار الذين يتمتعون ببراءة المشاعر ولا يدركون معنى للصراخ أو الشجار وبذلك يفقدون الثقة ويلوذون بالصمت وعدم القدرة على التعبير عن ذواتهم.


يؤكد الشاذلي أهمية الاستقرار الأسري في مستقبل الأبناء بل والتأثير في مستوى الذكاء وتنميتهم عقلياً وثقافياً ونفسياً في إطار من الرعاية والحنان يكفل لهم حياة سعيدة ويوثق الارتباط الوجداني بآبائهم وأمهاتهم ويعمق في داخلهم مشاعر الاحترام والمحبة والثقة في النفس.يكفي أن يعرف كل طرف واجباته وحقوقه، ساعياً الى إسعاد الآخر وتفهم طبيعة الاختلاف الفطري الذي تنشأ عنه المشكلات الزوجية، فيكتسب خبرات التعامل مع الطرف الآخر من دون توتر أو سخرية ويحاول الوصول إلى نقاط اتفاق تفضي إلى تلاشي الخلافات وعودة الهدوء والسعادة إلى عش الزوجية.
المصدر : جريدة الجريدة الكويتية العدد 350 - 07/07/2008