‏إظهار الرسائل ذات التسميات طور نفسك. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات طور نفسك. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 10 أبريل 2009

في بحر الحياة .. أنت الربان والقائد .. والسفينة !!

أنت ربان حياتك

نشرت في جريدة الدستور المصرية ( الأربعاء 8 إبريل 2009) .
هل يحتاج الأمر إلى كثير إثبات كي أؤكد لك أن جميع الناجحين في هذه الحياة قد تحملوا مسؤلية حياتهم كاملة ، ولم يقفوا لثانية واحدة كي يلوموا شخصا ما على الأشياء السيئة التي علمهم إياها ، أو الأبواب الرحبة التي أغلقها دونهم ، أو العقبات المميتة التي ألقاها في طريقهم ..!؟
ما أسهل أن نقف لنشكوا جرم الآخرين في حقنا ، ما أبسط أن ندلل على عظيم ما جنت يد آبائنا ، وكيف أنهم لم يعلمونا مبادئ النجاح والطموح فضلا عن ممارساتهم التربوية الخاطئة في حقنا . وما أيسر أن نلقي بجميع مشاكلنا وهمومنا على هذا أو ذاك . متخففين من مسؤلية مواجهة الحياة وتحمل أعبائها .

لقد علمتني التجارب يا صديقي أن الحياة بحر مضطرب الأمواج ، وكل واحد منا ربان على سفينة حياته ، يوجهها ذات اليمين وذات الشمال ، وأمر وصوله إلى بر الأمان مرهون بمهاراته وقدراته بعد توفيق الله وفضله .
لكن معظمنا ـ للأسف ـ لديه شماعة من التبريرات الجاهزة ، فما أن يصاب بكبوة أو مشكلة ، إلا ويعلقها على هذه الشماعة ويتنصل من مسؤلية تحمل نتيجة أفعاله ! .
تربيتنا السيئة، مجتمعنا السلبي، التعليم الفاشل، الظروف الصعبة، تفشي الفساد .
هذه بعض الشماعات التي كثيرا ما نستخدمها وبشكل شبه دائم .
ودعني أصارحك بأنك إذا ما أحببت أن تقبل تحدي الحياة ، وتكون ندا لها أن تتخلى وفورا عن كل التبريرات التي تعلق عليها مشاكلك وإخفاقاتك ، وتقرر أن تتحمل نتيجة حياتك بكل ثقة وشجاعة .
هل سمعت عن معادلة النتائج الحياتية ؟ ، إنها تخبرك أن نتائج حياتك هي حاصل جمع ما يحدث لك مضافا عليه استجابتك لما يحدث ، أو هي بمعنى آخر :
( موقف + رد فعل = نتيجة )
نجاحات الناجحين قد جرت في حدود هذه المعادلة ، وفشل الفاشلين جرى وفق هذه المعادلة كذلك ..!
إنهم جميعا تعرضوا لمواقف أو أحداث ما ، ثم تصرف كل منهم وفق ما يرى ويؤمن ، فافرز هذا السلوك أو ( رد الفعل ) النتيجة التي نشاهدها اليوم .
فالشخص الفاشل أو السلبي توقف عند (الموقف) ثم أخذ في الشكوى والتبرير ، فالمدير لا يفهم ، والوضع الاقتصادي متدهور ،كما أن التعليم لم يؤهلنا بالشكل المناسب ،وفوق هذا تربيتي متواضعة ، وبيئتي سيئة ، والدولة يتحكم فيها اللصوص .. وهكذا .
هذا بالرغم من أن هناك ناجحين كثر انطلقوا من نفس هذه الظروف ، ومن بين ثنايا هذه البيئة ، وربما كان حالهم اشد وأقسى ممن يشتكي ويولول .
لكننا لو نظرنا للشخص الناجح الايجابي ، لوجدناه يعطي تركيزا أكبر واهم لمساحة الاستجابة لرد الفعل .
فهو يرى أن ما حدث قد حدث ولا يمكن تغييره ، يقول لك حال المشكلات :دعنا الآن ننظر فيما يجب علينا فعله ، وكيف يمكننا استثمار هذا الحدث ـ مهما كان ـ في تحقيق أعلى نتيجة أو أقل خسائر ممكنة .
قد يحتاج الأمر إلى أن يستشير شخص ما ، او يغير من تفكيره ، وقد يستلزم الموقف أن يراجع بعض سلوكياته ، أو يعدل في رؤيته .
إنه يمتلك مرونة كبير، وعزيمة ماضية، وذهن مبرمج على إيجاد الحلول، بل وصناعتها .
سأكون صريح معك يا صديقي واقول أننا نستسهل الركون إلى الدائرة الأولى ( الموقف ) لأنها اسهل من الناحية النظرية ، فليس هناك أيسر من الشكوى ، ليس هناك أبسط من أن نسلط شعاع النقد على الخارج ، وندعي بأن الداخل كله خير ، ومشاكلنا فقط تأتينا من الآخرين السيئين القاسيين ، وللإسف فإن معظم البشر مبدعون في اختراع المبررات التي تبرئ ساحتهم من التقصير أو الفشل .
يزداد جنوح معظمنا إلى التبرير في وطننا العربي بشكل أكبر من سواه نظرا لكثرة الظروف المحبطة ، وتعدد أشكال القهر والاحباط ، مما أدى لنشوء ما اسماه المفكر د. عبدالكريم بكار بـ ( أدبيات الطريق المسدود) ! ، والتي تتمثل في الشكوى الدائبة من كل شيء ، من خذلان الأصدقاء ، ومن تآمر الأعداء ، من ميراث الآباء والأجداد ، ومن تصرفات الأبناء والأحفاد !! .
مما جعل بعضنا ليس فقط مبدع في التنصل من أفعاله ، وإنما متفوق أيضا في إحباط وتثبيط من قرر التغيير والايجابية ، وذلك بالتطوع بإخباره أن المجتمع لن يدعه ينجح ، ولن يومنوا بما يقول ، وأن زمان الطيبين قد ولى بلا رجعة .
رسولنا عليه الصلاة والسلام يعلمنا أن إذا حدث ما لا نريده أن ننطلق إلى الأمام بإيجابية ونتخلى عن عادة التحسر والتبرير فيقول عليه الصلاة والسلام : (لاتقل : لو أنِّي فعلتُ كذا لكان كذا، ولكن قُل: قدَّر الله وما شاء فعل. فإن لو تفتح عمل الشيطان" .
أختم معك يا صديقي هذه الفقرة بالتأكيد على أن النجاح ليس مرهونا بتحسن وضع ما ، وأن الفشل لم تكتبه عليك إرادة عليا ، يقول الفيلسوف والشاعر الهندي ( محمد إقبال ) : المؤمن الضعيف هو الذي يحتجُّ بقضاء الله وقدره، أما المؤمن القوي فهو يعتقد أنه قضاء الله الذي لا يُرد، وقدره الذي لا يُدفع .
ولقد سئل أحد قُوَّاد الفُرس أحد المسلمين يوما في سخرية: من أنتم؟
فقال له واثقا: نحن قدر الله، ابتلاكم الله بنا، فلو كنتم في سحابة لهبطتم إلينا أو لصعدنا إليكم. نحن قدر الله .

وسؤالي .. لماذا لا تكون أنت قدر الله الذي لا يرد .. وقضائه النافذ ..؟

لماذا ..؟

الجمعة، 26 ديسمبر 2008

الذكاء وحده لا يكفي


أنت لست نابغة ..؟

ولم تحصل على تقدير ممتاز عند التخرج ..؟؟

لم يسكن اسمك قط في قائمة الموهوبين دراسياً ..؟؟

لا عليك .. أنا مثلك تماما يا صديقي !! .

وفوق هذا كنت وحتى وقت قريب أرى أن الأذكياء فقط هم السعداء ، وأنهم لا غيرهم من يحق لهم الارتقاء الوظيفي ، والحصول على السيارة الفارهة والمسكن الواسع ، والزوجة المخلصة الوفية !!

لكنني وبقليل تأمل وتدبر ، علمت كم كنت واهم مخدوع .

فكم من نابغة ضاع نبوغه أمام ضعف همته ، وكم من عبقري وأدت عبقريته خسة الطموح.

كثرهم الأذكياء الذين تحاصرهم التعاسة ، ويقوضهم الخوف والرهبة ....

الجمعة، 8 أغسطس 2008

هيء مكانا لسيارتك المرسيدس

هيئ مكانا لسيارتك المرسيدس ؟

أبغض المثالية المفرطة ، وأحب الواقعية التي تشعرني باحترام من يخاطبني لعقلي وإدراكي !.
من هذا المنطلق دعني أطلب منك يا صديقي أن تبدأ في البحث عن مكان مناسب لوضع سيارتك المرسيدس التي ستشتريها يوما ما ..!
لماذا تظنني مازحا ، أو واهما ، أو أحلق في الخيال ..
ما أود إيصاله لك في هذه الفقرة أن أحلامك الكبيرة يجب أن تنظر إليها بأهمية كبيرة ، وتراها شيء لا يحتاج سوى إلى ( بعض الوقت ) .


لمايكل أنجلوا الرسام العبقري عبارة رائعة تقول : الخطر الأعظم بالنسبة لمعظم البشر ليس في أن يكون هدفنا كبيرا عاليا لدرجة صعوبة تحقيقه ، وإنما في أن يكونا بسيطا متواضعا سهل تحقيقه ! .
نعم الخطر أن نرضى بالأحلام والأهداف المتواضعة ، بالرغم من أن قدرة معظمنا كبيرة ، ونستطيع بقليل أو كثير من الجهد أن نحقق ما ظنناه يوما ما شيء خيالي غير قابل للتحقيق .
إن المرسيدس لا تعني السيارة في ذاتها ، وإنما تعني كل حلم عظيم .
سواء كان هذا الحلم حفظ القرآن كاملا ، أو في أن تصبح مليونير ، فالأمر سيان ، حدد هدفا كبيرا وآمن به ، وابدأ في أخذ الخطوات التي ستوصلك إليه .
ولعلك لا تدرك حقيقة في غاية الأهمية والوضوح وهي أن الحلم الكبير لا يحتاج إلى مجهود أكبر بكثير من الحلم الصغير كي يتحقق .
نعم أن تصبح موظفا عاديا في دائرة حكومية ، تمارس عملا واحدا طوال سنوات عمرك ، لن يكلف أقل مما سيكلفك أن تصبح صاحب شركة أو تدير عملا خاصة .
فقط قليل من الجهد ، قليل من المخاطرة ، قليل من التعب والدراسة ، ولكن كثير من الشجاعة .

أرى هذا الأمر بوضوح مع أصدقائي من المؤلفين والكتاب ، فمنهم من يكتب كتابا رائعا وغاية أمله أن يبيع منه ألف نسخة كي يشعر بالسعادة والنجاح ، وهناك من لا يعترف بالنجاح البسيط ولا يهدأ باله قبل أن يتم توزيع خمسون ألف نسخة أوأكثر، والفرق بينهما ليس في قوة ما يحتويه الكتاب من معلومات وآراء وأفكار ، وإنما فيما يحتوي صدر كل منهما من طموح وعزيمة وإصرار .


النفس يا صديقي تهوى الراحة والركون ، والهدف الكبير يستفزها فتحاول أن تثنيك عن تحقيقه ، وتراهن على فشلها في بلوغه ، وتُظهر لك العقبات والمشكلات التي تنتظرك .
هنا يجب عليك أن تلجمها بلجام همتك ، وتثيرها بنشيد حماستك ، وتنقل لها شحنة الاصرار التي تحركك .
وستقابل بلا شك يا صاحبي من يحاول إثنائك عن تحقيق هدفك ، وخلخلة ثقتك في إمكانية الوصول إليه ، فلا تصغ إلى صوتهم ، ولا تهتم بأمرهم .


محمد بن أبي عامر كان شابا في العشرين عندما تمنى أن يصبح أميرا على قرطبة ، سخر منه أصدقائه وذكروه بأنه كاتب رقاع وأقصى ما يمكنه تمنيه ظل جدار في شوارع قرطبة يجلس إليه ليكتب رسائل الناس مقابل درهم أو درهمين .
وليست سوى سنوات قليلة إلا ويصبح محمد بن أبي عامر أميرا على الأندلس كلها لا قرطبة وحسب ، وينشى الدولة العامرية صاحبة الفتوحات الكبيرة والانتصارات الرائعة .

بل دعني أذكر لك مشهدا أثار العالم في فترة السبعينات ، ففي عام 1977 نُشر خبر مثير مفادة أن سيدة من ولاية فلوريدا بأميركا وتدعى لورا شولتز وتبلغ من العمر 63 عام استطاعت أن ترفع مؤخرة سيارة بويك لتحرر ذراع حفيدها من تحتها ، بالرغم من أن هذه العجوز لم تقم برفع شيء يزن ربع وزن السيارة الت رفعتها .
أثار هذا الأمر فضول كثيرين ، وذهبت إلى بيتها معظم وكالات الأنباء كي يجروا معها لقاءات تتحدث فيها عن تلك القدرة الخارقة .
وكان ممن اهتم بهذا الأمر أحد الكتاب المهتمين بالتطوير الذاتي وتنمية الشخصية ويدعى تشارلز جارفيلد ، فذهب إليها بيد أنه وجدها حزينة ومكتئبة ولا تريد التحدث في هذا الأمر ! ، فتودد إليها تشارلز ، إلى أن قالت له أنها حزينة جدا لأن هذا الأمر ـ رفع السيارة ـ قد حطم معتقداتها بما يمكنها تحقيقه ، وزعزع لديها بعض الثوابت الخاصة بما هو ممكن وما هو مستحيل .
وقالت له : ( إن ما يؤلمني أنني فعلت في هذا العمر شيئا كنت أراه مستحيلا من قبل ، فما الذي يعنيه ذلك ؟ ، هل يعني أن حياتي كلها قد ضاعت ولم أحقق أشياء كثيرة فيها كنت أراها مستحيل !؟) .

لقد توقفت أمام هذه الكلمة الأخيرة وسألت نفسي :
ـ هل يجب أن أرفع سيارة أو أفعل شيئا خارقا كي أثبت لنفسي أني قادر ـ وأنا في الثلاثين ـ من حفظ القرآن الكريم كاملا ؟ .

ـ ألا يجب أن أعيد النظر في مستوى طموحاتي لأرفعها عاليا ما دام تحقيقها ليس بالشيء المستحيل ؟ .
ـ هل يجب أن أولد غنيا ، أو أحترف السرقة كي أمتلك سيارة ومنزل جميل ومستوى اجتماعي يرضيني ؟ .
سبحان الله ، حتى المطمح الأخروي يجب ألا نتواضع فيه ، فهذا رسول الله × يخبرنا أن : ( إذا سألتم الله ، فاسئلوه الفردوس الأعلى من الجنة ) .

ولكل منا مطمح وأمل ، فاختر من أحلامك أكبرها ، ومن آمالاك أعظمها ، وتوكل على خالقك وسله التوفيق ، وأرنا عزيمة الأبطال .

الخميس، 31 يوليو 2008

أشرق كالشمس

  • أشرق كالــشمس


  • هناك جملة من الأشياء التي تلتبس على المسلم في حياته نظرا لتشوش رؤيتنا لها وعدم التأمل في مغزاها وقوتها في تنمية الشخصية وأهميتها في توضيح المبدأ والقيمة التي نحملها .
    أحد أهم هذه الأشياء هو تزكية النفس ، وإبراز محاسنها ، وتسويق خصالها المبدعة الفريدة .
    إننا نؤمن امتثالا لقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، أن التواضع هو سمة من سمات الصالحين وأن ( من تواضع لله رفعه ) وهذا شيء لا جدال فيه ، ففضلا عن كونه أمر نبوي فإنه كذلك مطلب روحي وعقلاني لا يختلف عليه أي عاقل محب لانسانيته ويقدر قيمة الانسان في الحياة .. ولكن .
    هل معنى هذا ألا يقف المرء في أوقات تتطلب أن يعدد نقاط قوته وأفعاله الحسنة وحجته أن التواضع مطلوب .

  • دعوني أوضح الأمر أكثر ..

    اليوم في سوق العمل وفي ظل المنافسة الشرسة يظهر جليا الشخص المبدع الذي يتقن إبراز إبداعه وتفوقه ، ويختفي من على الساحة الفقراء والبسطاء والأشخاص الأقل احترافية في تسويق أنفسهم مهما كانوا نابغين أو متميزين .
    تعالوا لنتأمل شيء أعمق وأكثر وضوحا ، بالرغم من كون الاسلام أحد أعظم المناهج الأخلاقية على وجه الارض إلا أننا دائما متهمين بالارهاب والعصبية وضيق الافق وعدم قبول الاخر ، وأننا نعشق العنف والدم ونتلهى في أوقات فراغنا بتعذيب من يخالفنا المعتقد والدين .. فهل هذا كلام حقيقي .

  • أترك لك الاجابة .. وأطرح سؤال آخر ..
    بالرغم من كون اليهود أقل عددا ، يفتقرون إلى منهج قويم محترم يطرحوه للعالم ، الخلفية المتعلقة بهم في الأذهان أنهم بخلاء طماعين يفقأون عينك إذا لم ترجع لأحدهم فوائد المال الذي أقرضك إياه ، ولعل من قرأ رائعة شكسبير تاجر البندقية يدرك ما أقول . وبالرغم من ذلك استطاعت هذه القلة المكروهة أن تسوق جيدا لثقافة الهولوكست وتروج لنغمة الاضطهاد ، وتخلق مفهوما يخصها وهو السامية .
    فكيف نجح اليهود في هذا .. أترك لك الإجابة ..

  • ثم أتساءل ثالثة ..
    هل من الحكمة أن ندفن كنوزنا الحقيقية في باطن الأرض في الوقت الذي يبيعنا فيه الآخر بضاعته الركيكة على أنها ذهب خالص بالرغم من كون بريقها لا يتعدى القشرة الخارجية ؟؟ .
    إننا يا أصدقائي بحاجة إلى أنتقن فن تسويق ( النفس و الدين والقيمة والخلق ) .



  • التقيت ذات يوم بالمفكر البريطاني ( دواوود بيدكوك ) رئيس المركز الاسلامي البريطاني ، وهو أول مركز إسلامي يؤسس في بريطانيا على خلفية رواية سلمان رشدي ( آيات شيطانية ) ، قال لي وقتها عندما سألته لماذا يتحمس دائما من يدخل الاسلام لخدمة الدين عن المرء الذي ولد مسلما أبا عن جد ، فقال لي : لآننا نأتي من هناك حيث العدم ، فنرى إلى أي مدى بلغت عظمة هذا الدين ، ونرى كذلك الخيبة التي تتملك المسلم في التسويق لبضاعته من القيم والاخلاق والمبادئ والحسن من السلوك والأفكار ، وقال لي بالحرف ( يا صديقي أنتم أفشل مندوبي مبيعات لبضاعة رائجة مطلوبة ) .



  • إننا مطالبون يا صديقي أن نُظهر روعة ما نملك ونخرجه للناس ، إن اللؤلوة تظل شيئا ليس ذو قيمة طالما مخبئة في محارة في عمق البحر ، ولا تظهر قيمتها إلا في عنق امرأة وهي تلمع في سحر يخطف الألباب .
    هل تتفق معي في هذا يا صديقي ..؟
    إذن .. اشرق كالشمس ..
    كن لؤلوة تخطف الألباب .. غازل العيون والأفهام وتألق في عنق هذا الكون

الجمعة، 20 يونيو 2008

لا .. لا .. لا


تعلم قول (لا) !!!


كلمة (لا) كلمة شديدة على النفس ، فلا أحد يحب أن يُقابل مطلبه بالرفض ، وكلنا يتمنى أن يقال لنا في كل آن وحين ( لبيك ) ...!
بيد أننا كثيرا ما نكون مجبرين على قولها .. وفي أحيان أخرى يجب أن نقولها ..!




  • قد يطلب مني صديقي طلبا مزعجا ، اعلم أني سأتضرر إذا قمت به ، فهل أقبل على استحيا أم أقول ( لا ) ؟
    قد يتصل بي أحد الأشخاص الأعزاء ويطلب مقابلتي بشكل ملح في وقت قد خصصته لزوجتي وأولادي وانتظراه طوال الأسبوع بفارغ الصبر ، فهل أقبل مقابلته على مضض أم اقول ( لا ) ..؟
    قس على ذلك ، قائمة مطالب لا تعد من جميع من حولك ، مجرد قبولك لها يحيل حياتك إلى دوامة ، وأعباء تعييك .. ووعود تثقل كاهلك .

    فما الحل ..؟
    هل هو في قول ( لا) صراحة ؟؟؟؟
    نعم إنه في قول (لا) وبوضوح !!!!
    اعلم أن قول لا صعب ومخجل .. وأعلم أن حجتك في عدم قولها هي :
    · كي لا يغضب مني احد .
    · لأنني لا أحب أن يقولها لي أحد .
    · أريد قولها .. لكنني أستحي من نطقها .!! .
    · خوفا من ردة الفعل التي سيقابل بها الطرف الآخر رفضي .



  • لكننا يجب أن نتعلم قولها ، ونتقن فن الاعتذار وذلك لأسباب هامة منها :
    o خصوصياتي .. وأعمالي .. وطموحاتي .. ومشاغلي .. والتي قد يكون قول نعم مضر لها ، ويعمل على إفشالها.
    o لأن الإحجام عن قول (لا) يثقل كاهلي مما يسب لي إرهاق وإجهاد يؤثر على حياتي الشخصية والمهنية .
    o استحيائي من قول (لا) قد يدفعني للدخول في وعود لا أستطيع الوفاء بها ، أو على الأقل لست متأكدا من الوفاء بها .



  • والسؤال الآن هو : كيف تقول ( لا) ..؟؟؟؟؟؟؟؟
    هذه أربع مهارات تساعدك في هذا الأمر :
    v قلها وأنت تبتسم ابتسامة المعتذر ، لا تقولها بسرعة واحذر أن تلقيها بلامبالاة ، أشعر الطرف الآخر أنك آسف على عدم استطاعتك مساعدته .
    v يفضل أن تسرد له مبررات رفضك ومعاذيرك ، فكلمة لا وحدها ، قاسية وشديدة على النفس .
    v قدم له اقتراحات تساعده ، لتكن اقتراحات عملية ،لا تجعلها تظهر بمظهر المتهرب من تلبية مطالبه .
    v لا تختلق معاذير أو مبررات و إياك والكذب ، مهما حاول الطرف الآخر مجادلتك وإثنائك عن رفضك .

    .. إنني أخي الكريم لا أطالبك بالتخلي عن تقديم يد المساعدة ، أو التهرب من تلبية مطالب الآخرين ، فهذا ديدن اصحاب المنافع ، وتغليب لمبدأ الأنانية وحب النفس ، لكنني أطالبك أن توازن بين ذاتك وما تحمله هذه الذات من طموحات وأفكار ومشاريع وخطط مستقبلية ، وبين السعي في حاجة الناس وتلبية مطالبهم ، فلا يجوز تغليب طرف على الآخر .



  • أعرف أناسا يستحون من قول ( لا ) وفي ظنهم أن هذا سيوطئ لهم الأكناف ، وتأتي النتيجة العكسية وهي أن إسرافهم في قول نعم كان مصيبة عليهم ، فالحياة فوضى ، والأولويات مبعثرة ، وفوق هذا لم يستطيعوا أن ينفذوا وعودهم ، ويلبوا مطالب قد وعدوا بالقيام بها ، مما اسخط عليهم الآخرين ، ووجدوا ما هربوا منه حاصلا ..!!
    الحل في تعلم قول (لا) ، وبالطريقة التي لا تؤذي أو تجرح .
    وهذا الحل ـ على استثقاله أول الأمر ـ هو الذي سينقذك من كثير من المواقف ، وشيئا فشيئا ستجد من حولك قد تعودوا على طريقتك ، وستجد أنت نفسك غير مجبر على قبول شيء فيه صبغة ( الورطة) .

الثلاثاء، 17 يونيو 2008

عفوا ولكن .. هل أنت متطفل ؟!



المتطفل شخص يسال عن ما لا يعنيه ، ويدس أنفه في مسائل ليس له أن يقف عليها ، ويدلي برأيه من غير أن يطلب منه .


وهذا يا صديقي من سوء الأدب ..بل هي ثلمه في إسلام المرء فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من حسنإ سلام المرء تركه ما لا يعنيه ) .


لقد ورد في حكم العرب أن ( لا تسأل عن مالا يعنيك ، كي لا تسمع ما لا يرضيك ) .فالتطفل صفة مذمومة تدل على قلة الذوق ، وانعدام الشعور ، والمتطفل غير مرحب به ، وإذا حضر قوبل بضيق وربما بشدة ، نظرا لتدخله المستمر في كل شيء .
وأسوء أنواع التطفل هو التطفل في التخصصات !!
يشتكي أحدهم من صداع في رأسه ، وفي المجلس طبيب ، فيطل صاحبنا برأسه ويقول بسرعة خذ قرص من دواء كذا . ، ويسأل آخر عن مسألة فقهية وفي الجلسة شيخ أو طالب علم فيقول صاحبنا كفيت إن الرأي فيها هو كذا . فهو لا يتورع عن الفتيا ، ولا يتردد قبل الكلام في أمر لا يخصه .

والإنسان المحبوب يجب أن يكون أحرص الناس على الابتعاد عن تلك الصفة البغيضة ، وألا يلقي بنفسه في مجالس لم تعد له أو لم يدعى إليها ، وألا يتحدث في مواقف ليس أهلا لها ، ولا يؤيد أو ينفي إخبار لم يأته نبئها .
يجب كذلك أن يكون خفيفا كالنسمة ، حساس كالزهرة ، يقرأ وبسرعة صفحات الوجوه ، ويستشعر مدى حب أو استثقال الناس لوجوده . ويحاول دائما أن يجعل من نفسه شخصية مطلوبة . الكل يهفو إليه وهو يقبل على استحيا .. تماما كالماء للظمأى .
لذا فاسمح لي يا صديقي أن أحذرك من أن تتكلم في موقف لست له أهل .. أو تقتحم مجلسا لم تُدعى إليه .. أو تؤيد وتنفي أخبار لم يأتك نبئها . اعمل على أن تكون مطلوبا لا متطفلا ، كالماء للظمأى ، يُطلب فيجود بقطرات قليلة تزيد السامعين عطشا ورغبة في المزيد .
حتى وإن أخطأت التقدير ذات مرة ، أو أحسست ـ ولو مجرد إحساس ـ أنك ربما تكون في المكان الخطأ ، أو بأنك تفوهت ما لا ينبغي لك أن تتفوه به أن تعود أدراجك سريعا ، وتعتذر في أدب ممزوج بالحياء .

فالناس بقدر ما تمقت المتطفل بقدر ما تقدر وتحترم وتحب الشخص الذي يمتلك شعورا يقظا ، وحسا مرهفا ، وشخصية عزيزة كريمة .

الاثنين، 26 مايو 2008

النقد ليس اعتداء عليك ..

لا تنزعج من النقد ..!

حالة استنفار قصوى تتملك المرء منا حينما يتم توجيه نقد إلى ذاته .
فكلنا ننظر إلى النقد على أنه اعتداء على شخصيتنا ، ومحاولة شريرة لإبراز عيوبها .
لذا نشمر الساعد ، ونتأهب في شراسة لسحق أي معتدٍ على ذواتنا .
والحقيقة يا صديقي أننا جميعا ـ وبلا استثناء ـ بشر غير معصومين ، وأن النقد هو الذي يرفعنا ويقربنا من إنسانيتنا ، هو وحده القادر على شحذنا كي نطور من أنفسنا ونستدرك أخطائنا ، هو الذي ينقينا ويدفعنا إلى الكمال والمثالية .
لكن معظمنا يخشى النقد لتوهمنا أن النقد يخبرنا والآخرين أننا أقل مما نحن في الحقيقة ، أو لأننا نرى النقد جرح لكرامتنا، أو لأن النقد سيدفعنا إلى تغيير وضع ما لا نريد تغييره ، أو لأن الناقد غير مقبول لدينا ، أو لأننا ـ في حقيقة الأمر ـ نمتلك من الغرور ما يجعلنا لا نقبل توجيه من أحد ! .
انظر معي لأكرم وأكمل خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم ، في غزوة بدر ، حينما أتاه الخباب بن المنذرt ليخبره في أدب أن المكان الذي خيموا فيه ليس استراتيجيا ، وأن لديه خطة وتصور أفضل من الخطة الحالية !! .
إنه استدراك على القائد ، وأي قائد .. أعظم خلق الله ، فما الذي فعله الحبيب صلى الله عليه وسلم .
استمع إلى صاحبه حتى إذا ما انتهى ، أمر جنوده بتنفيذ أوامر الخباب بن المنذر رضي الله عنه.
القلوب العظيمة يا صديقي تقبل النقد بهدوء نفس وبساطة ، فتنظر فيه بروية وتدبر ، فإن كان إيجابيا حقيقيا شكر صاحبه وأجزل له الثناء ، وإن كان نقدا جائرا ظالما أفحم الناقد بهدوئه وصبره وحلمه .
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (رحم الله امرَأً أهدى إليّ َعيوبي) ، إنه ينظر إلى النقد على أنه هدية ، وهذا عُمق وحكمة ودراية ،وحينما نستعرض كتب التاريخ وأحوال العظماء فإننا لن نجد عظيما أو نابغة معتدا برأيه صاماً أذنه عن قبول النقد والتقويم.

إن الأشجار الضخمة اليانعة عندما ترفض التكيف مع مستجدات المناخ ، وترفع أغصانها عاليا في كبر واعتزاز غير عابئة بنداءات الطبيعة ، تموت وتلفظها الحياة . يراها الناس فيُخدعون بشموخها وعلوها . وهي في حقيقة الأمر ليست سوى جماد لا حياة فيها ، يجب أن تُقطع لتكون منضدة أو كرسي أو خشب للمدفأة !! .

فليكن صدرك واسعا ، وروحك سمحة ، واقبل النقد باسم الثغر سعيد ، اسكب على أعصابك ماءً باردا ضد النقد الجائر الظالم .. وستجد أن حياتك أصبحت أكثر هدوءا وسكينة ونضج .

الأربعاء، 14 مايو 2008

لا تأكل نفسك ..!

لا تأكــــل نفســـــك .. !
يقول جون جوزيف : قرحة المعدة لا تأتي مما تأكله ، بل مما يأكلك .
إنه القلق والاكتئاب والهم والحزن هم ما يأكلون المرء منا يا صديقي ! .
فالقلق يسبب توتر الأعصاب واعتلال المزاج .. وتوتر الأعصاب يحول العصارة الهاضمة في المعدة إلى عصارات سامة تنهش جدرانها فتصيبها بالقرحة ، وكثيرا من الأطباء يُرجع بعض الأمراض كالسكر وبعض أمراض القلب وبعض أمراض المخ إلى القلق والاكتئاب والخوف من المجهول .


إن أكثر الأخطاء التي نرتكبها في حق أنفسنا هي أن نُسلم هذه النفس إلى القلق والاكتئاب ومشاعر الإخفاق والإحباط .
كثير منا يقفون مكتوفي اليد أمام أول عقبة تعترض طريقهم ، فيُسيلون الدمع مدرارا ، ويكتنفهم الحزن والألم ، وكأنهم ينتقمون من أنفسهم بالهم والأرق والاكتئاب .


وبالرغم من أن عجلة الحياة تدور .. إلا أننا كثيرا ما نقف عند لحظات التعاسة والشقاء ، ولا نعبرها إلى أيام السعادة والهناء .. نأخذ نصيبنا من الألم كاملا ولا نصبر حتى ننال حظنا من السعادة .. ونأكل أنفسنا في شراهة عجيبة ! .
كل البشر يواجهون مشاكل وعراقيل ، لكن تعاملهم مع هذه المشاكل هو الذي يحدد معدن الرجال ، وعمق نضجهم .
إن مما يروى من حكم الأولين أن لا تغضب من شيء لا تستطيع تغييره


إن عقبات الحياة لا يجب أن نقابلها بضيق وقلق ، بل نأخذها على أنها دروس نتعلم منها .
لقد طبقت هذا الأمر في حياتي وهالني حجم الفوائد التي تعود علي منه ، فكل تجربة غير موفقة هي درس ، وأي خسارة يجب أن نأخذها على أنها مصل يقوينا ضد أزمات الحياة .
ودروس الحياة يا صديقي ليست بالمجان ، لذا فلا تتأفف وتحزن حينما تدفع تكاليف تلك الدروس ، بل كن واعياً نبيهاً ، وتقبل عن طيب نفس أن تدفع الضرائب نظير ما أخذت وتعلمت .
وليكن ثأرك الحقيقي من ملمات الحياة ومشكلاتها هو النجاح الكاسح ، فلا ترضى بسواه بديلا ، ليكن ردك على الخسائر بتكرار المحاولة وعدم اليأس .
أما البكاء والقلق والخوف فتلك بضاعة قليلي الحيلة والضعفاء ، اتركها لهم .. و لينعموا بها .

الثلاثاء، 1 أبريل 2008

غير تفكيرك

غيـــــــر تفكيرك
كثيرا ما تصيب أحدنا كبوة فيفكر في هجر المجتمع الذي عاصر كبوته ممنيا نفسه بنجاح في مكان آخر ، أو يربط أحدهم نجاحه بتغير الظروف أو المكان ، والحقيقة أن كل هذا هراء وأن الذي يجب تغييره حقا هو العقل الذي يعتنق هذا التصور ، فما دام عقلك معك فلن يفيدك التغيير شيء ، توماس أديسون يقول ( لن تستطيع حل مشكلة بنفس الذهن الذي أوجدها ) ، لذا يجب أن تطرد من ذهنك أن الظروف إذا ما تغيرت فستكون أكثر قدرة على الانتاج والعطاء ، كلا بل تستطيع الإنتاج والعطاء من الآن ، وإلا فلن تستطيع أبدا ، أنا لا أنكر أن تغيير البيئة في بعض الأحيان يكون صحيا ، ولكن في معظم الأوقات يكون حجة فارغة نهرب بها من مواجهة أنفسنا ومواجهة الأمور القائمة في حياتنا .

ولقد كنت أحد من وقع أسير هذا الاعتقاد لفترة من الزمن ، كنت أعتقد خلالها أن حل مشاكلي يكمن في تغيير الواقع الذي أحياه ، والمجتمع الذي يحيط بي ، وبأنني إذا ما تغير الزمان والمكان سأكون أفضل وسأجد مفتاح تفوقي وسعادتي .
وعندما حدث ما كنت أرجو وأطمح وجدت نفسي وجها لوجه أمام واقعي الذي لم يتغير ، حينها تأكد لي أن التغيير يكمن في داخل المرء نفسه لا في الظروف التي تحيط به ، وأن المرء ما هو إلا نتاج أفكاره ومعتقداته .
يقول الفيلسوف الأيرلندي جورج برنارد شو (الذين لا يستطيعون تغيير عقولهم لا يستطيعون تغيير أي شيء( .
ففي عقل الواحد منا تكمن الأفكار المتفائلة الحماسية ، والأخرى التشاؤمية السوداء ، ومن عقولنا تتولد معتقداتنا ، وينشأ سلوكنا وتصرفاتنا .
فإذا ما نحينا أمر الفشل جانبا ، وانطلقنا في طريق النجاح والارتقاء ، بدون انتظار تغيير لزمان أو مكان ، فإننا سنكون فعلنا الكثير .. والكثير .


أعود وأكرر أن تغيير البيئة قد يصلح في أحيان كثيرة كعامل من عوامل النجاح ، لكننا لا يجب أن نرهن أمرنا بهذا التغيير الذي قد يأتي وقد لا نراه .
فلنغير من أفكارنا ومعتقداتنا ، نتسلح بالايجابية والاصرار ، ونبدأ في مواجهة الحياة بصدر لا يخشى الهزيمة .

الأحد، 23 مارس 2008

القراءة (1)

لـمــــــاذا لا نـقـــرأ ؟؟!!سؤال : ما الفرق بين شخص جاهل ( أمي ) ، وشخص متعلم لكنه لا يقرأ ؟
إحصائية : ذكرت منظمة اليونيسكو أن معدل القراءة للفرد العربي 6 دقائق ( في السنة ) !
* * *
كنت أرتب حقيبة سفري ذات يوم عائدا إلى مصر قادما من إحدى الدول العربية ، عندما زارني صديق ، وعرض أن يشاركني ترتيب حاجياتي فلم أمانع .
لكنه توقف فجأة مذهولا أمام إحدى الحقائب الثقيلة والتي لم أكن قد أغلقتها بعد ونظر إلى ما فيها ، وقال في استنكار : هل ستأخذ هذه الحقيبة معك ؟ ، وعندما أجبته بعفوية بنعم ، قال معترضا : لكنها ستكلفك كثيرا ، فالشحن على الطائرة غالي الثمن والحقيبة بالغة الثقل ، فأجبته أني أدرك ذلك تماما وقد أعددت لكل شيء عدته ! . فحاول إثنائي عن فعل ذلك العمل الطائش من وجهة نظره ، فلم أزده على أن هذه الحقيبة تحتل الأولوية القصوى لدي .
وحينما وجد مني تمسكا مدهشا قال متعجبا : لا أدري ما الهوس الذي توليه للكتب ، تالله إني لم أقرأ ورقة منذ تخرجي من كلية الهندسة !! .
وصاحبي هذا متكرر في واقعنا ، كثير الشبه بيننا .
النموذج الذي يحدثك عن أن الحياة ليس فيها وقت لنفضبة متصلبين ماسكين بكتاب نقرأه ، فالحياة بها أهم من ذلك ! .
فالقراءة لديهم مضيعة للوقت ، والدرهم الذي ننفقه على الكتاب كان من باب أولى أن نصرفه على الطعام أو الملبس .. وهؤلاء كثر للأسف .
بيد أن هناك نوع أخر يقدر قيمة القراءة نظريا ، لكنه لا يقرأ . وعندما تحدث عن أهمية القراءة ودورها في اتساع مدارك المرء ورقيه يؤكد له أن واثق تماما من هذا الأمر ، لكن المشكلة التي تواجهة أنه ما يلبث أن يمسك بكتاب إلا ويداعب النعاس جفنيه ، ويتملكه السأم والملل سريعا .
وبين صنف لا يعترف بقيمة القراءة وصنف لا يستطيع القراءة ولا يملك الدافع على القراءة ، تضيع أمتنا وتسقط بملْ إرادتها من حقيبة التقدم والرقي .

كيف تصبح قارئا ..؟
القراءة تحتاج إلى جهد وتعب ..!
نعم قد تكون هناك أنواع من القراءة الممتعة والمسلية كقراءة الروايات والكتب الخفيفة ، لكن الإنسان لا يقرأ فقط من أجل المتعة ، وإن كانت المتعة مطلبا شريفا وهاما .
لكن القراءة المثمرة تتطلب نوع من الالتزام ، والتعامل مع الكتاب بجدية ومسؤولية ، ولهذا يفشل الكثيرون في الحصول على لقب القارئ الجيد .
وإليك مجموعة من الالتزامات التي يجب أن تأخذها بجدية ، إذا ما كنت طامح في أن تكون قارئا جيدا وهي :
التغلب على العقبة النفسية : تلك العقبة التي تجعل الكتاب ثقيلا على النفس ، باعثا على التثاؤب والنعاس ، والتغلب على هذه العقبة يحتاج إلى نية صادقة أولا ، وتوفر دافع قوي للقراءة .
بدون متعة ولذة لن يستطيع المرء تحطيم ذلك الحاجز الوهمي الذي صنعه للهروب من مسؤولية القراءة والثقافة ، وتلك المتعة ستتأتى حينما نرى ثمرة ما قرأناه يانعا في ذوقنا وسلوكنا ورؤيتنا للأشياء ، والخطوات القادمة ستساعد على تحطيم هذا الحاجز .
استحضار الدافع : العلم هو أعظم القربات إلى الله سبحانه وتعالى ، يجب ألا يفارق هذا الأمر ذهنك ، فعندما وعى المسلمون الأوائل هذا المعنى غيروا الدنيا بعلمهم وثقافتهم وتحضرهم وأناروا العالم وأضاءوا جنباته ، أن تقرأ أنت في عبادة لله ، في رحلة إلى الله ، ولا أقصد القراءة الفقهية أو الدينية بل أقصد القراءة المفيدة بكافة ألوانها العلمية والثقافية والفنية .
ضع خطة للقراءة : دائما الأشياء التي نخطط لها يكون عائدها وفائدتها أكبر ، ويسري هذا على القراءة كذلك ، فوضع خطة للقراءة يوفر في الوقت ، ويساعدك على تقييم قراءتك ، وقبل وضع خطة القراءة يجب الالتفات إلى مجموعة من الملاحظات العامة وهي :
· قدراتك : كم أستطيع أن أقرأ خلال الثلاث أشهر القادمة ، حدد بناءا على معرفتك بنفسك ، ولا تبالغ فتنكص فتشعر بالفشل ، ولا تتهاون فيضيع وقتك ، حدد بعد تفكير ما يناسب قدراتك .
· اهتمامك : ماذا تقرأ ؟ ، هذا أمر بالغ الأهمية ، أنت لست مطالب بقراءة كل ورقة تقع تحت يديك كي تمشي مختالا بأنك واسع الثقافة والاطلاع ، بل يجب أن تكون هناك منهجية لقرائتك هذه المنهجية مبنية على اهتماماتك الفكرية والعملية .
· وقتك : خطتك يجب أن تضعها وفق الأوقات التي تستطيع أن تقرأ فيها ، ونوعية الكتب تتحدد حسب هذا الوقت ، فهناك كتب لأوقات الراحة والهدوء ، وكتيبات تناسب الوقت الذي تقضية في المواصلات أو الانتظار وهكذا .
وبعد وضع الخطة تكون هناك مراحل للتقييم وإعادة النظر ، تنظر فيها إلى إنجازك ، وهل استطعت الوفاء بما التزمت به أم أن هناك مشاكل ، وهل هذه المشكلات في الخطة ودقتها ، أم في ظروف طارئة يمكنك تذليلها .

تحمل البداية : الصاروخ يستهلك معظم قوته فقط في الانطلاق ، والبدايات دائما ما تكون صعبة شديدة قوية ، تحتاج إلى جهد مضاعف ، وصبر شديد .
يزيد الأمر صعوبة أن إنجازات البدايات تكون بسيطة غير منظورة ، لكن بالصبر يمكن للمرء أن يجني الكثير ، ويمكن أن تساعد نفسك في البداية بالإكثار من قراءة ما تحب وتهوى ، هناك كتيبات صغيرة ، وكتب بسيطة لا تحتاج إلى كثير تركيز يمكنك البدء بها ، دائما ما أهدي أصدقائي الذي أعرف لديهم سأم شديد من القراءة كتاب ( لا تحزن) للدكتور عائض القرني ، فهو في ظني بداية جيدة لممارسة القراءة .
ويمكن للقارئ المبتدئ أن يبدأ بالكتب البسيطة الخفيفة ، يمكنه أن يبدأ بالروايات أو كتب الخواطر ، أو الكتب التي تحتوي على قصص وأخبار ، أو كتب السمر .
استغل الأوقات الميتة : في مجتمعنا نطلق مصطلح ( الوقت الميت ) على الأوقات التي تمضي في انتظار شيء ما ، كانتظار الطبيب ، أو ركوب حافلة ، أو عند الحلاق مثلا .
هذه الأوقات يمكننا استغلالها في القراءة ، وهنا تظهر أهمية كتب الجيب والتي يمكنك حملها في حقيبتك أو جيب سترتك وإخراجها كلما سنح الوقت .
لعل من زار الغرب رأي كيف أن ركاب الحافلات منشغلون إما بقراءة كتاب أو جريدة ، أو حتى الاستماع إلى مادة صوتية عبر جهاز الاستماع MP3 ، وأن عيادات الأطباء وأماكن الانتظار تكون دائما مكتظة بمواد تثقيفية منوعة تناسب ميول الإنسان في الغرب ، على عكسنا تماما حيث نطالع بعضنا البعض ونتسلى في التحديق إلى الطريق خلال وقتنا الذي نقضيه في المواصلات .
اجعل من القراءة التزام : القراءة ليست هواية تقوم بها وقتما وجدت وقتا وأردت استغلاله ، بل التزاما جديا ، ومسؤولية يجب عليك الوفاء بها ، لذا أنصحك أن تُقبل على القراءة وأنت مستعد نفسيا وذهنيا للاستفادة مما كُتب ، حلق مع الكتاب واستخرج منه الحكم والمعاني والأفكار التي تسكن بين دفتيه ، يمكنك الاستعانة بقلم تكتب به على الهامش ملاحظاتك ، يفيدك هذا كثيرا إذا أحببت مطالعة الكتاب مرة أخرى ، وكذلك في استرجاع معلومة أو مسألة من الكتاب بيسر وسهولة .
إذا أمسكت كتابا فلا تمسك غيره حتى تنهيه ، فبجانب أن هذا سيمنعك من التشتت الذهني ، فإن إنهاء كتاب كاملا يعطيك الثقة والتفاؤل في نفسك ، ويدفعك إلى تكرار الإنجاز مرة أخرى .

الثلاثاء، 18 مارس 2008

كن مختلفاً

كــن مختلـفـاً

تُرى ما الذي يحدث لو وضعنا خمس ذبابات في زجاجة ووضعنا معهما العدد نفسه من النحل ، ثم وضعنا الزجاجة أفقيا ـ وهي غير مغلقة ـ بحيث تكون قاعدتها لأعلى ، ثم صوبنا الضوء نحو القاعدة ، بينما تركنا أسفلها يغرق في الظلام ؟

هل تعلم ما الذي سيحدث حينها ..؟ دعني أخبرك .
ستحاول أسراب النحل أن تخرج باتجاه الضوء ، وذلك لأنها قد تعودت على هذا الأمر ومنذ نشأتها ، فهي في الخلية تصوب ناظريها دائما إلى فتحة الضوء ، ولم تتعود أن تبحث عن طريق للخروج قد يكون مختبئ في ظلام الخلية ، لذلك تحاول وبإصرار على الخروج من أعلى الزجاجة ، ولن تلبث أن تموت بعد فترة من المحاولة بفعل التعب .. أو الجوع .
في المقابل فإن الذباب ، لن يستغرق أكثر من لحظات بسيطة حتى يخرج ، لأنه سيفتش في كل الاتجاهات الممكنة أمامه .

إن الحكمة التي يمكننا قطفها من تلك التجربة أن الذكاء التقليدي ، والروتين الذي تمرسنا على فعله ، قد لا ينفعنا في حل كثير من المعضلات ، وأننا يجب أن نتمتع بإبداع ومرونه في طرح الأفكار البديلة .
أديسون كان يقول : ( لن نستطيع حل مشكلة بنفس الذهن الذي أوجدها) ، ويقصد هنا نفس طريقة عمل العقل ، لذا فهو ينصح أن نحاول طرق أبواب واتجاهات جديدة لم يألفها العقل ، وأن نحرره من النمطية والتعود والروتين .
إن العقل الحجري هو الذي يتعامل بطريقة النحل في الخروج من المأزق ، ويحاول بشتى الطرق أن يخرج باتجاه واحد مألوف ، ولا يفكر في استخدام طرق بديلة أو مبدعة .
فحرر عقلك يا صديقي من روتينه المعهود ، واجعل أفقك متسعاً ، واقبل الروافد ووجهات النظر المتعددة ، وانظر في اتجاه مختلف فلعل هناك الحل .
* * *
من كتابي ( أفكار صغيرة لحياة كبيرة)

الخميس، 17 يناير 2008

كن جبلا

كن جبـــــــــــــــــــــــــــــلاً

يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله : ( إن مصاعب الحياة تتمشى مع همم الرجال علوًّا وهبوطًا) .
كثيرا ما توقفت أمام كبوات الحياة التي تقابلني ساخطاً ، متسائلا ـ في جهل ـ لماذا توجه لي دائما الحياة ضربات قوية ، أترنح من ثقلها وشدتها


أتساءل ويتساءل معي الكثيرون ممن لا يفقهون فلسفة القضاء والقدر ، لماذا تضرب العواصف العاتية حياة أشخاص ، بينما تمر كالنسيم على أشخاص آخرين .
لكنني حينما تجولت في سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم توقفت كثيرا أمام أحب البشر إلى رب البشر والمصائب تنهال عليه ، فقومه يكذبونه وهو الناصح لهم ، وأصحابه يُقتلون أمام عينيه ، ويُتهم في عِرضه وشرفه . وهو أشرف وأكرم وأفضل خلق الله ..


حينها أدركت أن الصواعق لا تضرب إلا قمم الجبال الشامخة ، وأن المنحدرات لا تذهب إليها إلا المياه الراكدة المحملة بالأوساخ ، وأن المرء يبتلى على قدر دينه كما بين الحبيب صلى الله عليه وسلم
إن الحياة تُعطي لكل واحد من روادها ما يطيق على حمله ، والقيام به ، وكلما على المرء وارتفع كلما وجهت له الحياة أقوى وأعنف ما لديها


إن العظماء يولدون من أرحام أمهاتهم ، والحياة تتربص بهم ، توجه لهم كل يوم صيحة حرب ، أو نذير معركة
إن الصك الذي يجب أن يُوقع عليه كل طموح ، هو التزام بالصمود والشموخ أمام مشكلات الحياة ومصائبها ، والاستئساد أمام ما توجهه له من بلايا وعوائق .فكن جبلا يا صديقي .. ولا ترهبنك ضربات الصواعق العاتية ، فقد ثبت في تاريخ الأبطال أن النصر في الحياة يحصل عليه من يتحمل الضربات لا من يضربها .

الأحد، 16 ديسمبر 2007

لا تستصغر نفسك


لا تستصغر نفسك
كتب / كريم الشاذلي

يُحكى عن المفكر الفرنسي ( سان سيمون ) ، أنه علم خادمه أن يوقظه كل صباح في فراشه وهو يقول
( انهض سيدي الكونت .. فإن أمامك مهام عظيمة لتؤديها للبشرية ! . )
فيستيقظ بهمة ونشاط ، مليئا بالتفاؤل والأمل والحيوية ، مستشعراً أهميته ، وأهمية وجوده لخدمة الحياة التي تنتظر منه الكثير .. والكثير ! .المدهش أن ( سان سيمون ) ، لم يكن لديه عمل مصيري خطير ليؤديه ، فقط القراءة والتأليف ، وتبليغ رسالته التي تهدف إلى المناداة بإقامة حياة شريفة قائمة على أسس التعاون لا الصراع الرأسمالي والمنافسة الشرسة
لكنه كان يؤمن بهدفه هذا ، ويعد نفسه أمل الحياة كي تصبح مكانا أجمل وأرحب وأروع للعيش

فلماذا يستصغر المرء منا شأن نفسه ويستهين بها !؟
لماذا لا نضع لأنفسنا أهداف في الحياة ، ثم نعلن لذواتنا وللعالم أننا قادمون لنحقق أهدافنا ، ونغير وجه هذه الأرض ـ أو حتى شبر منها ـ للأفضل .
شعور رائع ، ونشوة لا توصف تلك التي تتملك المرء الذي يؤمن بدوره في خدمة البشرية والتأثير الإيجابي في المجتمع .
ولكن أي أهداف عظيمة تلك التي تنتظرنا !! ؟
كل امرء منا يستطيع أن يجد ذلك العمل العظيم الرائع ، الذي يؤديه للبشرية
إن مجرد تعهدك لنفسك بأن تكون رجلا صالحا ، هو في حد ذاته عمل عظيم .. تنتظره البشرية في شوق
أدائك لمهامك الوظيفية ، والاجتماعية ، والروحانية .. عمل عظيم ، قل من يؤديه على أكمل وجه
العالم لا ينتظر منك أن تكون أينشتين آخر ، ولا أديسون جديد ، ولا ابن حنبل معاصر
فلعل جملة مهاراتك ومواهبك لا تسير في مواكب المخترعين و عباقرة العلم
لكنك أبدا لن تُعدم موهبة أو ميزة تقدم من خلالها للبشرية خدمات جليلة
يلزمك أن تقدر قيمة حياتك ، وتستشعر هدف وجودك على سطح هذه الحياة ، كي تكون رقما صعبا فيها
وإحدى معادلات الحياة أنها تعاملك على الأساس الذي ارتضيته لنفسك
فإذا كانت نظرتك لنفسك أنك عظيم ، نظرة نابعة من قوة هدفك ونبله . فسيطاوعك العالم ويردد ورائك نشيد العزة والشموخ
أما حين ترى نفسك نفرا ليس ذو قيمة ، مثلك مثل الملايين التي يعج بهم سطح الأرض ، فلا تلوم الحياة إذا وضعتك صفرا على الشمال ، ولم تعبأ بك أو تلتفت إليك
قم يا صديقي واستيقظ فإن أمامك مهام جليلة كي تؤديها للبشرية
من كتاب
( أفكار صغيرة لحياة كبيرة)