الأربعاء، 19 ديسمبر 2007

العقاب للأبناء



هل تضرب ابنك




كتب / كريم الشاذلي


قبل أن تجاوب على هذا السؤال دعني أسوق لك تلك الإحصائية التي تقول:
إن 95% من الذين يضربون أبناءهم لا يضربونهم لأسباب تربوية مقبولة، لكنهم يضربونهم للتنفيس عن غضبهم


كذلك فإن خبراء التربية أكدوا بأن الطفل الذي يعيش مهددا دائما بالعقاب الجسدي يفقد الثقة بنفسه.
والأدهى من ذلك أن يضرب على مشهد من أقرانه أو في حضرة الغرباء، أو أن يفضح بسبب خطأ ارتكبه.
وقد اتفق التربويون على خطأ العقاب البدني حينما يكون هو الأصل، وهناك من رأى بعدم مشروعيته من الأساس، وأنه لا يجب التعرض للضرب؛ لأنه يعقد الطفل ويزرع لديه الخوف وكثيرا من المشكلات النفسية.
ونحن نرى ابتداء أن آخر الدواء الكي، وأنه لا يجب اعتماد الضرب كوسيلة تربية إلا في حالة فشل جميع الوسائل الأخرى، والتي قلما تفشل إذا مورست بشكل صحيح.
إن كثيرا من الآباء يستسهل الضرب، فإذا تفوه الطفل بكلمة نابية أو كسر لعبته يقابله بصفعة يرتج لها كيان الصبي الصغير، وهذا في نظري جريمة.
وقد خاب ظن أولئك الذين يظنون أن القسوة تزيد الالتزام والطاعة، وأثبتت التجارب أنها تزيد الغباء والبلادة والعقد النفسية


إن الثابت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه لم يضرب أحدا قط، فعن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها قالت: والله ما ضرب رسول الله بيده امرأة قط، ولا خادما له قط، ولا ضرب بيده شيئا قط"


وفي الأدب المفرد للألباني -رحمه الله- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقبل ومعه غلامان، فوهب أحدهما لعلي رضي الله عنه، وقال: "لا تضربه، فإني نهيت عن ضرب أهل الصلاة، وإني رأيته يصلي منذ أقبلنا". بيد أن نهيه عن الضرب صلى الله عليه وسلم لا يمنع من أن يكون الأب ذا مهابة وقائما على بيته متعهدا له بالنصح والتربية، فنراه يقول صلى الله عليه وسلم للآباء: "علقوا السوط حيث يراه أهل البيت" صحيح الجامع. فيرتدع المشاكس ويعود لرشده العقل اللعوب.
وأنا لا أحبذ الضرب أو العقاب البدني، غير أني لا أستطيع أن أنكر حاجتنا إليه في حالات معينة، كما تقدم لدينا في حالة الصلاة، أو التجاوزات الأخلاقية والعقدية، وأختلف مع كثير من التربويين الذين يحرمون الضرب تحريما قاطعا، ويرونه سببا في تعقيد الطفل وضمور شخصيته، وأرى أن هؤلاء مثاليين إلى حد بعيد، وأن الضرب إذا حصر استخدامه في حالات خاصة واستخدم بحد معقول فلا شيء فيه، ويقوِّم من اعوجاج الصبي.
وقديما قال العرب: "من أمن العقوبة أساء الأدب".
وقد اشترط رسول الله عند الضرب عدة شروط، منها: أن لا يكون الضرب قاسيا، وألا يزيد عن عشر ضربات كحد أقصى، وأن توزع الضربات على أجزاء البدن ولا يضرب في مكان واحد فيكون الألم شديدا، وأن يتجنب الأب الوجه فلا يصفعه، وفوق هذا كله لا يضرب وهو غاضب، وكم رأينا كثيرا من الآباء ارتكبوا جرائم ضد أبنائهم وهم غاضبون؛ بل إن عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- كان يكتب إلى الأمصار "لا يضرب معلم القرآن فوق ثلاث؛ فإنها مخافة للطفل".
وعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول للمؤدب: "لا ترفع إبطك" كي يكون الضرب خفيفا.
ويمكن تلخيص كيفية الضرب وكنهها بأن تكون شدة في غير عنف، ولينًا في غير ضعف.
وهناك طرق أخرى للعقاب يجب أن يعلمها الأب ويلجأ إليها كبديل عن الضرب، ومنها على سبيل المثال: الحرمان من الامتيازات، بأن يدرك الصبي أن وقوعه في الخطأ يعني حرمانه من مصروفه، والخروج مع أصدقائه وعدم مشاهدة برنامجه الكرتوني المفضل، وعدم الجلوس على جهاز الكمبيوتر.
هناك أيضا الزجر والتوبيخ والإعراض، بشرط أن تمارس تلك الوسائل بطريقة غير مبالغ فيها؛ فأخطر شيء أن يتعود الصبي على العقاب فلا يؤثر فيه الضرب أو التوبيخ، وهذا يحدث حين يفرط الأب في استخدام نوع معين من العقاب.
كذلك من الأهمية بمكان ونحن نتعرض للعقاب وأنواعه أن نضع في اعتبارنا الفروق الفردية بين طفل وآخر؛ فهناك طفل تضيق الدنيا به وتنكره نفسه إذا وجه له أبوه نظرة عتاب أو أعرض عنه وجافاه، وآخر يتألم إذا عبس أبوه في وجهه، وثالث متمرد لا يستقيم حتى يذوق العقاب الجسدي.لذا وجب على الأب ألا يترك تلك الطرق الناجحة ويلجأ لسواها، هذا مع الوضع في الاعتبار -وكما أسلفنا- أن تكون العقوبة بمقدارها، فالزيادة في العقوبة كالنقصان منها مفسدة للطفل

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

جزاك الله خير واحيان لا يكون الضرب تنفيس عن غضب الاباء ولكن ربما ضرب ذاتهم او صراخ داخلى يخرج فى عصبيتهم على الابناء ولذلك يجب على الاباء التحكم فى الذات وقبل الضر يسال نفسه هل هذا ضرب للتربية ام ظلم للابناء