الثلاثاء، 19 فبراير 2008

قراءة في كتاب الآن أنت أب

الآن أنت أب
هذه المرة أترككم وقراءة في أحد أحب الكتب إلى قلبي ،وهو كتابي الثاني ( الآن أنت أب) ، قامت بقراءته وتلخيصه الأستاذة / ليلى السيد ، في موقع الأمة أون لاين ..
مقياس الثروة في الأمم أصبح يعتمد على عدد ما تملكه هذه الأمم من ثروات بشرية، وعقول فذة، لذا كانت التربية الواعية الصحيحة هي أول وأهم احتياجات تلك الأمة الضائعة، وفي المقابل نجد أن العجز الحقيقي في تقدم أمة من الأمم هو فقر المواهب، أو (قتل المواهب!)، من خلال هذا الوأد الممارَس من قِبَل الآباء، ومن قبل الحكومات، لذا كانت "التربية" هي كلمة السر لأي أمة ناهضة، تعزم على دخول مضمار السباق.

هكذا حدد "كريم الشاذلى" هدفه من نشر كتابه "أنت أب الآن"، الصادر عن دار أجيال في طبعته الأولى عام 2006م، مؤكدًا أنه لا يجب أن نركن إلى ميراث الآباء والأجداد فقط، بل نأخذ ما فيه من خير، وندع ما لا يتناسب مع وقتنا الحالي، فالطفل الذي لا نُعده الإعداد المناسب، ليعيش بكفاءة في عصر معقد، يكون حظه - غالبًا- العيش على هامش المجتمع، منفعلا غير فاعل، وآخذًا غير معطٍ، بل ربما جعلنا منه مخلوقًا قابلا لأن يستغله الآخرون أسوأ استغلال.
كما أجرى الكاتب مقارنة في غاية الأهمية، عندما وضح الفرق بين مفهوم الرعاية ومفهوم التربية، عندما حذر الآباء من الخلط بينهما، فيقول: إن رعايتي لولدي تعني توفير الملبس والمسكن وسبل الحياة الطيبة، أما تربيتي إياه فتعني تعليمه الخطأ والصواب، الحلال والحرام، ما لا يصح وما يفترض أن يفعله، وهو ما يستلزم توفرهما الاثنين في الأب.
وبدأ الكاتب يسرد بعض الصفات التي يجب أن يتحلى بها المربي، ومنها:
* يجب أن يُحس الابن أن الأب أعلى منه، وأنه منه - بالطبيعة- في موقف الآخذ المتلقي، فلا يجب أن يُحس الطفل عندما يقترب من المراهقة أن شخصيته أكبر من شخصية والديه، وهنا يرفض التلقي منهما، ويتمرد عليهما.
* أن يشعر الابن أن لدى أبيه ما يقدمه له، وإلا لن يكون للأب التأثير الفعال في نفسية الابن، وسيبحث عمن يتلقى عنه، فيجب على الأب أن يمتلك رصيدًا من التجارب الشخصية، والمعلومات التربوية، التي يعطيها لولده؛ حتى يكون ملمًّا باحتياجات طفله.
يقع الآباء أيضا في بعض الأخطاء الفادحة، فنجده يشتد على ولده في سنينه الأولى، وهى سنين اللعب والتدليل، ويصادقه، ويفرط في الثقة فيه، في سنوات يجب أن تكون سنوات التوجيه والتربية، ويحاول أن يجرب كل الوسائل في فترة المراهقة، فيفشل فشلا ذريعًا.
* يجب أن يكون الأب حسن العطاء، فوجود ما ستقدمه لطفلك لن يُجدي إذا لم تقدمه بأسلوب حسن طيب.. أسلوب الترغيب لا الترهيب، والضمان الأول لذلك هو الحب، فيجب أن يشعر الطفل بحب أبيه؛ حتى يقبل منه ما يقدمه له.
* أن يكون مُقدرًا لمكانة التربية، فالتربية تحتاج إلى التعب والتفاني والإخلاص، وهذا ما لا يقدر عليه سوى قلة قليلين، وبعض الآباء لا يريدون أن يُتعبوا أنفسهم، وهل يوجد شيء يستحق أن تتعب لأجله كتربيتك لأبنائك؟، هل هناك إنجاز يساوى نجاحك في تربية رجل صالح، أو امرأة فاضلة؟.
* ينبغي أن يكون الأب قادرًا على المتابعة والتوجيه، التربية عملية مستمرة لا يكفي فيها التوجيه العابر، مهما كان مخلصًا، ومهما كان صوابًا في ذاته، إنما يحتاج الأمر إلى المتابعة، والتوجيه المستمر.
* أن يتعهد نفسه بالتربية الذاتية، يجب أن يدرك المربي أنه لم يصل إلى قمة الهرم التربوي، وأن حاجته هو نفسه للتربية لا تقل عن حاجة طفله.
فالمربى الذي لا يملك تغيير عاداته في التفكير، والتعامل، وقبول النقد، والتكيف مع الجديد، كلما حاد عن الجادة، هو "مربٍّ دخل مرحلة التخشب".
توجه "الشاذلى" بعد ذلك في كتابه بسؤال للآباء، قائلا: "أين يتربى ابنك؟"، ويجيب عن نفسه قائلا: أجمع علماء التربية وعلم النفس أن البيت هو أقوى مؤثر في سلوك الابن، ومنه يأخذ مبادئه وقيمه وعاداته، وذلك بحكم التصاق الابن به، وقضائه وقتًا طويلا فيه، ففي دراسة صدرت مؤخرًا، في مجلة "ريدر دايجست"، ظهر أن 60% من الطلاب؛ الذين يجلسون مع كامل أفراد الأسرة، على الأقل 4 مرات أسبوعيًّا، أفراد يتمتعون بالقبول والاحترام في مجتمعهم.
ويستطرد كريم مؤكدًا أن التأثير على الأولاد يأتي من خلال جعل العلاقة بين الآباء والأطفال قوية ومتينة، فحين يكون الطفل محبًّا لوالديه، متعلقًا برضاهما عنه، يكون وزن البيت في حسه أثقل من وزن الشارع، فيستطيع البيت أن يُصلح ما أفسده الشارع، أو بعضه على الأقل.
وينصح الكاتب الأمريكي "دوج باين" الآباء قائلا: "لا تترك لطفلك مساره في الحياة، بل أنِرْ له طريقه، ووفر له مجموعة واسعة من المقترحات، واتركه يختر، فدورك مع ابنك يقتصر على التوجيه، وليس تحديد ما تريده أن يكون؟، لأن هذه الجزئية بالذات من أشد خصوصيات الابن، والتي يجب أن يختارها بنفسه، وبدون تأثير من أحد..
فنحن للأسف نريد أبناءنا أن يكونوا كما نحب لا كما يحبون"، ويعلق الشاذلي على "دوج" قائلا: إن طفلك يحتاج أن يشعر بهوية، ومن هنا وجب عليك أن تغرس فيه حب الإسلام، وتحضره للاندماج التاريخي والمجتمعي، بقص بعض مآثر العظماء في هذه الأمة، وتعريفه بلمحات من عظمتها ونبوغها، وتركه بعد ذلك يحدد ما يريد أن يكون.
ومن أهم الصفات التي يجب أن يزرعها المربي في ولده، كما ذكر بالكتاب "صفة الانضباط"، والانضباط يعنى ببساطة منع سعادة بسيطة أو حالية؛ للحصول على سعادة أكبر في المستقبل.
والضبط مقدرة يتدرب الإنسان عليها، وعادة يتعودها، وكلما تدرب عليها وهو صغير كان أقدر عليها، وأكثر تمكنًا منها، فيجدها حاضرة في أعصابه حين تفاجئه الأحداث، وبالتدريب يستطيع الأب زرع هذه الصفة في ولده، مع استدعاء شواهد محيطة تقوى هذا المعنى، فيقول له مثلا: "الإفراط في أكل الحلوى يسبب لك آلام الأسنان، كما حدث لك يوم كذا".

يستكمل الشاذلي نصائحه للآباء قائلا:
- يجب أن يعطي الوالدان لابنهم مساحة من الحرية؛ كي يستطيع أن يتعلم تحمل المسئولية، والثقة بالنفس، ومن الخطأ أن نُحجِّم الولد، ونحسب عليه خطواته، وأن نجعله منفذًا فقط لأوامرنا، دون أن نعطيه حقًّا في الاختيار والمفاضلة، فهذا من شأنه أن يصنع رجلا إمعة، يسير حسب أهواء الناس، فمثلا، بدلا من اختيار ملابسه نعطيه المال وندعه يختارها بنفسه، والحرية تُعد الخطوة الأولى في تمهيد الطفل لتحمل المسئولية، فالشخص الحر شخص مسئول.
والشخص المسئول يُعمل عقله، ويفكر دائمًا، ويطرح اقتراحات، ويقارن، ويختار بينهما، فنحن عندما نعطي لأبنائنا المسئوليات نطرد من عقولهم وهم العقول المستريحة، والشعور بالدونية، ولن يكون ذلك إلا بتكليفه بالمسئولية منذ نعومة أظفاره؛ حتى يصل به المستوى إلى إحساس عالٍ من المسئولية.

العقــــــــــــــــاب
- إذا عاقبت ولدك فأعلمه لماذا تعاقبه؛ حتى يعرف الولد تحديدًا نوع الخطأ الذي ارتكبه، فقد ترى ما لا يراه ولدك، وتعاقبه وهو جاهل لمَ كان العقاب، أيضًا من الأفضل قبل أن تعاقبه أن تتحدث معه، وتجعله يعترف بخطئه، فهذا سيجعله أكثر حرصًا في المرات القادمة، على عدم الوقوع في نفس الخطأ مرة أخرى، لذا تريث قبْل أن تُهدد، فليس من الحكمة أن تهدد ولا تفعل، كثيرون هم من تسبقهم ألسنتهم في تهديد أبنائهم.
إن لم تتوقف سأضربك.. لا تفعل وإلا لن تخرج معي بعد ذلك، ثم لا يتوقف الطفل، ولا ينفذ تهديده الأب، فيتولد لدى الابن استخفاف بالتهديد، فبذور العصيان تَنبت من مثل تلك المواقف، لذلك يجب أن تعي ذلك، وتفرض سيطرتك على الطفل، بقرارات حاسمة منفذة، وإلا ستصبح تهديداتك بلا قيمة لديه.
- أخطر شيء أن يكون الأب والأم على منهجين فكريين مختلفين، فحينها ستفشل التربية، فما يُلقنه الأب ستمحوه الأم والعكس، فحينما نطالب الأب والأم بتوحيد منهج التلقي لدي الولد؛ فإننا نطالب الأب والأم على حد سواء أن يتعبا؛ من أجل أن لا يدفع الابن ثمن أخطاء هو غير مسئول عنها، فيجب أن ينظم الأب والأم مسئولياتهم تجاه الابن، بحيث يشعر أنه بأمان، ويشعر بمتانة البيت الذي يحيا فيه.
يجب أن يَعلم ولدك مَن المُوكَّل بتسيير دفة البيت، فمثلا إذا أراد أن يخرج يعلم أنه لابد أن يستأذن من الأب، وإذا استأذن من الأم يجب أن توجهه الأم إلى أبيه، وتخبره بأنه الوحيد صاحب الحق في إعطائه هذا الترخيص، أو العكس، إذا كانت الأم هي الموكلة بذلك الأمر.
- لا تتشاجر أو تختلف مع أمه أمامه؛ فإذا حدثت أية مشكلة فأجلا النقاش إلى أن تذهبا إلى غرفتكما، فليس بالشيء الهين أبدًا أن يرى الابن أباه يتشاجر مع أمه، أو ينشأ في بيئة تحيطها المشكلات من كل جانب، فيشعر بعدم الاستقرار والأمان.
ويسأل الشاذلي الآباء مرة أخرى، قائلا: هل تضرب ابنك ؟، فيقولك إن 95% من الذين يضربون أبناءهم لا يضربونهم لأسباب تربوية مقبولة، لكنهم يضربونهم للتنفيس عن غضبهم.
كذلك فإن خبراء التربية أكدوا أن الطفل الذي يعيش مهددًا دائمًا بالعقاب الجسدي يفقد الثقة بنفسه، وقد اتفق التربيون على خطأ العقاب البدني حينما يكون هو الأصل، وهناك من رأى عدم مشروعيته من الأساس، وأنه لا يجب التعرض للضرب؛ لأنه يعقد الطفل، ويزرع لديه الخوف، وكثيرًا من المشكلات النفسية.
لذا؛ فنحن نرى أنه لا يجب اعتماد الضرب كوسيلة تربية، إلا في حالة فشل جميع الوسائل الأخرى، والتي قلما تفشل إذا مورست بشكل صحيح.
كما أن هناك طرقًا أخرى للعقاب، يجب أن يعلمها الأب، ويلجأ إليها كبديل عن الضرب، ومنها، على سبيل المثال: الحرمان من الامتيازات، بأن يدرك الصبي أن وقوعه في الخطأ يعنى حرمانه من مصروفه، والخروج مع أصدقائه، وعدم مشاهدة برنامجه الكرتوني المفضل، وعدم الجلوس على جهاز الكمبيوتر.
كذلك من الأهمية أن نضع في اعتبارنا الفروق الفردية بين طفل وآخر، فهناك طفل تضيق به الدنيا إذا وجه له أبوه عتابًا وجافاه، وأخر يتألم إذا عبس أبوه بوجهه، وثالث متمرد لا يستقيم حتى يذوق العقاب الجسدي.
وأكد الشاذلي في النهاية على أهمية الحوار بين الآباء والأبناء، قائلا: إن الحوار يربي الجانب العقلي، والروحي، والنفسي، والاجتماعي، ويجب أن يكون الحوار في حد ذاته أسلوب حياة، كما يجب أن يكون تعاملنا مع أبنائنا على مستوى الجهد المبذول، لا على مستوى الذكاء
http://www.alummahonline.com/?zPage=Systems&System=PressX&Press=Show&ID=9480

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

السلام عليكم
اخى العزيز موضوع بجد رائع جدا واسمح لى ان اقوم بالتعليق ربما يكون التعليق طويلا بعض الشئ ولكن الموضوع فعلا يحتاج الى الحديث فيه
الا احب احيك على اخيار اسم الكتاب الان انت اب فعلا ارجو من كل اب ان يدرك معنى تلك الكلمة جيدا
فعندا يقال لاحدهم الان انت اب اول حاجة بيفكر فيها انا لازم اشتغل اكتر عشان اوفره له فلوس انا هزود وقت الشغل وينسى اهم شئ الا وهو التربية كيف سيربى ذلك الطفل ولكن يترك الامر للزوجة وبالتالى تقوم هى بالدورين ويصبح دور الاب فى الاسره دور هامشى والاب بالنسبة للاولاد ماهو الا شئ يقوم باحضار المال فقط وبالتالى بمجرد ان يمرض الاب ويمتنع عن العمل ويقل المال يبدأ الابناء بالتذمر والنقمة على ذلك الاب وفى النهاية نجده يستغرب من تلك المعاملة .
انا ارى انا علاقة الاباء بالابناء تنقسم الى 4

الاول الاباء والابناء كل منهم متفاهم مع الاخر والابناء تشعر بفضل الاب عليهم والاب يمدهم بالحنان والقوة والسند
الثانى اب حنون عطوف مع الابناء ولكنه كان يقوم بجلب المال فالابناء لم يراعوه فى الكبر ونجد فى النهاية جحود من الابناء على الاباء
الثالث الابناء يقدموا للاب كل الحب والتقدير والاحترام ولكن الاب يقابل ذلك بشئ من القوة وعدم اظهاره لمشاعر الحب للابناء
حيث ان بعض الاباء يعتبر اظهار تلك المشاعر من الضعف فى حين ان اشرف خلق الله سيدنا محمد (ص) كان عندما يرى السيدة فاطمة يقبلها فى جبهتها هل هذا من الضعف؟
الرابع اسوأ مما سبق لان كل من الطرفين لم يعد يطيق الطرف الاخر ولايوجد احترام ولا يوجد تقدير بل هناك جحود من الطرفين
اتمنى من جميع الاباء ان يدركوا جيدا معنى كلمه اب البعض يستهون بيها ويقول ياعم ده لقب بسيط جدا ده من حرفين ده انا معايا دكتوراه واظن ان اللقب ده اصعب واعظم وده طبعا مفهوم خاطئ لانها ربما تكون كلمة من حرفين بس معانا كبير جدا واظن ان من خلال تربيه الاب يصبح الابن دكتور او مهندس وفى النهاية انا الا انكر دور الام فى التربية بل ان دور الام عظيم جدا ولكن لوحدها بيكون صعب فى ظل المتغيرات التى فيها ذلك المجتمع والانفتاح فيجب ان يتم تقسيم التربية بين الاثنين

S.M.A