أن تنجح أمر جميل ، مطلب مشروع لمن امتلك الطموح والرؤية والهدف ، وما أتفه من لا يطلب النجاح ويعمل من أجل اقتناصه .
بيد أن هناك شرك خفي يسكن بين ثنايا ذلك المطلب العظيم ، وهو أن يلهينا النجاح الدنيوي عن الفلاح الأخروي ، أن تسحبنا تيارات النجاح والتفوق والتقدير إلى أن ننسى أو نتناسى أن هناك غاية أسمى وهدف أرقى من مجرد النجاح الدنيوي الفاني .
إن المنهج الإسلامي ما برح يؤكد على حقيقة هامة جدا وهي أن الدنيا مطية المؤمن إلى الجنة ، وشرك المفتون إلى النار .
فهي زاهية متألقة ، بالغة الحسن والجمال ، رائعة المذاق ، خاصة لمن لم يرى سواها ، ولم يعايش معاني الآخرة ، ويرى الجنة والنار كما وصفهما الله ورسوله .
بيد أن هناك شرك خفي يسكن بين ثنايا ذلك المطلب العظيم ، وهو أن يلهينا النجاح الدنيوي عن الفلاح الأخروي ، أن تسحبنا تيارات النجاح والتفوق والتقدير إلى أن ننسى أو نتناسى أن هناك غاية أسمى وهدف أرقى من مجرد النجاح الدنيوي الفاني .
إن المنهج الإسلامي ما برح يؤكد على حقيقة هامة جدا وهي أن الدنيا مطية المؤمن إلى الجنة ، وشرك المفتون إلى النار .
فهي زاهية متألقة ، بالغة الحسن والجمال ، رائعة المذاق ، خاصة لمن لم يرى سواها ، ولم يعايش معاني الآخرة ، ويرى الجنة والنار كما وصفهما الله ورسوله .
حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم بالغ في التشديد على أتباعه بألا ينساقوا وراء متع الحياة وزخرفها ، فنراه يقول صلى الله عليه وسلم : ( أبشِرُوا وأمِّلُوا ما يَسُرُّكم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم ، ولكني أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم ، فتنافسوها كما تنافسوها ، فتهلككم كما أهلكتهم)). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. .
هنا النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعني تطليق الدنيا كما قال غلاة المتصوفة ، ولم يطالب اصحابه بتركها لشياطين الإنس والجن ليعيثوا فيها فسادا ، وإنما طالبهم بالعمل والاجتهاد والرقي الدنيوي ، ولكن ليس للدرجة التي تجعلهم يهتمون بالمظهر دون الجوهر ، والتعلق بالسبب ونسيان الغاية الكبيرة .
إن المسلم يجب أن يحب الحياة كي يستطيع العطاء ، يجب أن يتعامل معها بجدية ويعمرها ويجتهد في جعلها أجمل وأروع مما كانت قبل مقدمة ، ولكن ليس على حساب العطاء الأخروي ، يجب أن يكون نجاحه في الدنيا سببا مباشرا في نجاحة الأخروي ، عبر التزامه بالمنظومة القويمة للخلق ، والتنمية المستمرة للضمير ، والتعامل بيقظة تامة مع النفس وشطحاتها .
لعلك ستدهش لو أخبرتك أن لو كان هناك لائحة كلائحة مجلة «فوربس» المهتمة بمجال المال والأعمال في العصر النبوي ، لكان على قمة أغنى أغنياء العالم عدد غير قليل من المسلمين المجاهدين ، والصحابة العظماء .
وذلك لأن المسلم ليس مقطوعا عن الدنيا ، أو كارها لها ، بل المسلم الحق هو من يملك الدنيا بين يديه ، ويأبى أن يضعها في قلبه أو يعطيها وزنا لا تستحقه .
الصحابي عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه ، أحد العشرة المبشرين بالجنة ، وثامن رجل يحمل لقب مسلم وهو في الثانية والعشرون من عمره ، هاجر للحبشة ، ثم إلى المدينة ولم يكن يملك في هجرته للمدينة من الدنيا سوى ملابسه التي تستر سوئته ، وكانت أول كلمة قالها بعد نزوله للمدينة ( دلوني على السوق) ، فأصبح ـ وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة ـ من أغنى أغنياء المسلمين ، حتى أن طَلْحَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْفٍ، قَالَ : كَانَ أَهْلُ المَدِيْنَةِ عِيَالاً عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ: ثُلُثٌ يُقْرِضُهُمْ مَالَهُ، وَثُلُثٌ يَقْضِي دَيْنَهُمْ، وَيَصِلُ ثُلثاً.
ومع هذه السعة ، وذلك الرزق الكبير ، كان يشغل باله أمر الآخرة ، ولا ينسى أبدا عِظم الغاية التي يعمل من أجلها ، فنراه ذات يوم بجري إلى أُمِّ سَلَمَة َويسألها جزِعا : يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ! إِنِّي أَخْشَى أَنْ أَكُوْنَ قَدْ هَلَكْتُ، إِنِّي مِنْ أَكْثَرِ قُرَيْشٍ مَالاً، بِعْتُ أَرْضاً لِي بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفِ دِيْنَار.
قَالَتْ: يَا بُنَيَّ! أَنْفِقْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: (إِنَّ مِنْ أَصْحَابِي مَنْ لَنْ يَرَانِي بَعْدَ أَنْ أُفَارِقَهُ).
ولو فتشت يا صديقي في كتب السير ، وتأملت أخبار الصحابة والعظماء لوجدت منهم كثر أصحاب مال وجاه ، كأبي بكر الصديق وعثمان بن عفان رضي الله عنهم وغيرهم ..
ومع ذلك سترى ثبات أقدامهم على طريق الحق ، وروعة تسخيرهم للدنيا في سبيل الآخرة ، وكيف أنهم سيطروا على أطماع النفس والهوى ، فكانت الدنيا تحت أقدامهم جارية يأمروها فتطيع غير مسوفة .
إن ما أطمع أن تنتبه إليه يا صاحبي وأنت تسير في الحياة أن تهتم بالنجاح ، وتعمل من أجل الرقي ، ولا تتنازل عن أن تكون رقما صعبا فيها .. ولكن .
إياك أن تنسى أن الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة ، وأن أفضل الأساليب في التعامل معها هو معرفتها على حقيقتها ( محطة نستقل بعدها قطار اللاعودة ) ، حيث نسكن في دار الخلد .
وأن النجاح يجب أن يستتبع الفلاح .
ومع ذلك سترى ثبات أقدامهم على طريق الحق ، وروعة تسخيرهم للدنيا في سبيل الآخرة ، وكيف أنهم سيطروا على أطماع النفس والهوى ، فكانت الدنيا تحت أقدامهم جارية يأمروها فتطيع غير مسوفة .
إن ما أطمع أن تنتبه إليه يا صاحبي وأنت تسير في الحياة أن تهتم بالنجاح ، وتعمل من أجل الرقي ، ولا تتنازل عن أن تكون رقما صعبا فيها .. ولكن .
إياك أن تنسى أن الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة ، وأن أفضل الأساليب في التعامل معها هو معرفتها على حقيقتها ( محطة نستقل بعدها قطار اللاعودة ) ، حيث نسكن في دار الخلد .
وأن النجاح يجب أن يستتبع الفلاح .