الطريـــــق المـؤلـم
إن طريق أصحاب الضمائر الحية شاق جدا، ودرب الصالحين مليء بالعوائق والأشواك.
يسير الواحد منهم حاملا بين جنبيه خير الدنيا كله، ويقابله الناس بالجحود والنكران، يضمد جراحهم، ويربت على ضعفائهم وهم يتحينون الفرصة لهدمه وتمزيقه!.
في مجال العمل نجد أن ذو الخلق والأمانة في تعب ونصب، في العلاقات الاجتماعية نجد أن صاحب الصدر الواسع والقلب الدافئ مُعرض دائما للصدمات والمواقف المفجعة.
رجال الله دائما في نصب وكمد.. وكدح على طول الطريق.
لكنني إذ أقلب ناظري يمنة ويسرة، وأطالع طريق الحق محفوف بالأشواك، وأن سالكيه مليئين بالجراح، وتتخطفهم الآلام والمواجع، أعود وأنظر إلى طريق الباطل، وأدقق النظر في درب الخيانة والخسة فأجده غير هين هو الآخر وليس بالسهل اليسير!!.
نعم طريق الغواية وعر مليء بالشراك الخادعة الغدارة، يكلف سالكيه ضرائب باهظة، ويذيقهم من صنوف العذاب ألوان.
أرى ذلك فيرتاح فؤادي ويهدأ جناني المضطرب.
ففوق نعيم الله الخالد، وجزائه الأخروي، نجد أنه ـ جل اسمه ـ لم يدع أصحاب الباطل يرتعون في نعيم متواصل، ويتقلبون على سرر الهناء والطمأنينة طويلا.
وما أبلغ قول سيد قطب رحمه الله، إذ يقول: (إن للذل ضريبة كما أن للكرامة ضريبة. إن ضريبة الذل أفدح في كثير من الأحايين. وإن بعض النفوس الضعيفة ليخيل إليها أن للكرامة ضريبة باهظة لا تطاق، فتختار الذل والمهانة هرباً من هذه التكاليف الثقال، فتعيش عيشة تافهة رخيصة، مفرغة قلقة تخاف من ظلها، وتفرق من صداها، يحسبون كل صيحة عليهم، ولتجدنهم أحرص الناس على حياة هؤلاء الأذلاء يودون ضريبة أفدح من تكاليف الكرامة، إنهم يؤدون ضريبة الذل كاملة، يؤدونها من نفوسهم ويؤدونها من أقدارهم، ويؤدونها من سمعتهم ويؤدونها من اطمئنانهم، وكثيراً ما يودونها من دمائهم وأموالهم وهم لا يشعرون).
فإن آلمك طريق الحق يا صديقي فعزاؤك أن طريق الباطل وعرٌ مخيف، وإن أجهدك حِملُ الكرامة، فتأكد من أن حملة الذل في نصب وإرهاق.
نعم إن من يبيعون ضمائرهم يفرحون ردحاً من الوقت عندما يقبضون الثمن، لكنهم يبكون دماً عندما تلفظهم الحياة، ويهيمون على وجوههم في دروب الألم والعذاب.
الحق وحملته فقط هم من ينعمون على طول طريق، برغم آلامهم وأحزانهم ومصائبهم، فإن اليقين الحي الذي يهبهم الله إياه يعمل عمله في زرع برد الطمأنينة ودفء السعادة بداخلهم.
ورغم اختلاف الناس في تعريف السعادة، إلا أنني أأومن أنها تدور في فلك الحق والفضيلة وترتع في صدور أصحاب المبادئ الحية والمواقف المشرفة.
فسر يا صديقي في طريق الحق غير عابئ بالأشواك والشظايا.. فنقطة دمِ في طريق الحق أشرف عند الله من أرواح تزهق في دروب الباطل.
هناك 4 تعليقات:
اللي يختار الكرامة .. يدفع التمن
بحب فكرة اللى بتقول .. اوعي تعمل الخير عشان الناس
اعمل الخير عشان انت تستحق تعمل كدة
تستحق تكون محترم
المقالة رائعه
نسيت اكتب اسمي فى التعليق السايق
تهامي
اعرف تماما ان السعادة عند من خلقني و خلقها .. ولكن احتاج لمحفز ما يجعلني اسلك هذا الطريق ... ربما هو السعادة نفسها
الامر معقد فيما يبدو .. !
مقال متماسك لغة و اسلوب .. ناهيك عن الفكرة التي استمتعت بالخوض في تفصيلاتها ..
احييك
قال رسولنا الحبيب عليه الصلاة والسلام فيما معناه: (حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات)
فبتالي ترى السائرون في طريق الخير والحق والفضيله معرضون لما ذكرته ولكن ما يشعرون به في قلوبهم وما يجدونه في ارواحهم يجعل كل ذلك هباء منثور بفضل من الله تعالى...
أشكرك على الموضوع الرائع...
إرسال تعليق