أجرى الحوار : مؤمن حماد .
الكاتب كريم الشاذلي في حوار جريء ..
ـ هناك مدربين تنمية بشرية يعطون متدربيهم "كورتيزون" فكري !! .
ـ التنمية البشرية ليست دينا جديدا .. ولن تقدم الخلاص للبشرية .
ـ ليس كل من بدأ كلامه بآيه من كتاب الله وختمة بحديث شريف بصادق .
ـ النجاح حق مكتسب لأي شخص يدفع ثمنه ، وثمنه هو عرق الجبين وليس مر الشكوى !.
ـ يجب أن تمتلك الوعي والإدراك والرؤية النقدية وتغربل الأفكار جيدا، وابدأ بكتبي .
ـ الكسالى سيرموني بالخيال والمثالية لأني أفضحهم أمام أنفسهم وأسلط الضوء على أعينهم التي أدمنت الظلام .
ـ كتاباتي وجهة نظر .. اختلف معها إن شئت، ولكن رجاء لا تسفهها ..
في بلد يشتكي شبابها قلة ذات اليد، وكثرت فيها مظاهر العصيان والتمرد والغضب، مما حدا بالجميع إلى توقع الأسوء دائما .. هناك من ينجح في صمت ..
بلا ضجيج، ودون تهليل استطاع كريم الشاذلي أن يصنع من اسمه ماركة مسجلة للنجاح، ولما لا وهو الذي يعلمه للشباب .. ويحببهم فيه !.
كاتب من طراز خاص، يسكنك من أول حرف .. يتمرد بهدوء، لكنه يدخل عقلك بعنف ..!
حصيلته من الانتاج الثقافي ثمانية كتب، يعتز بهم كاعتزازه بطفليه مهند ومعتز، ومع ذلك يرفض أن يتم التعامل معهم سوى أنهم "وجهة نظر خاصة" ، فلا يغضب من النقد أو الاختلاف ..
سؤالي الأول كالعادة : من أنت .. وماذا تريد ؟؟!! .
ـ كريم الشاذلي، كاتب في مجال العلوم الانسانية، مهتم بنشر ثقافة الأمل والإيجابية والتفاؤل، وذلك عن طريق كتاباتي، وأيضا من خلال دار النشر التي أشرف بإدارتها "دار أجيال للنشر والتوزيع" والتي تهتم بنشر مواد من شأنها بث الأمل والإيجابية في النفوس .
ـ عن الأمل تتحدث، بالرغم من سوداوية الوضع في مصر والعالم العربي ؟
ـ أنا قادر على ألا أتحدث، قادر على أن أدفن رأسي في الرمل !، قادر أيضا على أن أزيد السواد والبلاء بنشر المزيد من المشكلات، والحديث عن الوضع السيء، والبشر الذين صاروا كالشياطين، وفرص العمل التي ندرت . لكنني قررت أن ألا أفعل ذلك لحسن حظي .
وبالرغم من أن حياتي كانت سلسلة من الكبوات المستمرة، وبالرغم من الفشل الذي لازمني كثيرا، إلا أني أأؤمن بأن النجاح حق مكتسب لأي شخص يدفع ثمنه ، وثمنه هو عرق الجبين وليس مر الشكوى !.
ـ 6 سنوات قضيتها في الخليج، فلا شك أن تغرس فيك الأمل ! .
وكأنك تحاول إخباري بأن تلك الفترة هي سبب نجاحي، وأأؤكد لك أن نعم هي سبب نجاحي، لكن ليس لأنها نقلتني ماديا، بالعكس فبعد السنوات الست عدت إلى بلدي خالي الوفاض !، بعدما منيت أحد المشاريع التي أنفقت فيها وقتا ليس بالقليل بالفشل .
لقد أعطتني تلك الرحلة ما هو أغلى من المال، أعطتني اليقين بأن النجاح والتوفيق، لا يرتبط بزمان أو مكان، وإنما هو إرادة داخلية، وتوفيق إلهي .
عدت إلى مصر وبي يقين من أن نجاحي هنا كنجاحي هناك، كلاهما يحتاجان إلى عرق وجهد، كما يحتاجان إلى يقين بالله وحسن إلتجاء إليه .
ولقد فشلت هنا كما فشلت هناك، تعثرت مرارا، وأفلست كثيرا، واستدنت كي أطعم أسرتي، لكن اليقين بالنجاح لم يفارق وجداني للحظة، صدقني أنا لا أحدثكم عن النجاح بل أحدث نفسي، فما أنا إلا أنت، وكلنا نحتاج بين الحين والآخر إلى من يذكرنا أن بوابة الأمل لم تغلق بعد .
ـ في كتاباتك ومقالاتك تحدثنا عن الحياة الجميلة، عن المثاليات .. ألا ترى في هذا نوع من التفاؤل المبالغ فيه، والخيال واللاواقعية ؟ .
أختلف معك .. كتاباتي ليست خيال، أنا أتحدث عن النجاح والإيجابية والأمل، كل يائس سيرى أنني خيالي، كل كسول سيرميني باللاواقعية، وذلك لأني أفضحه أمام نفسه، وأسلط الضوء مباشرة على عينيه التي اعتادت على الظلام، هناك من يستسهل الشكوى لأنها تبرر له عجزة وفشله، أنا لم أنكر للحظة بأن الأوضاع الاقتصادية صعبة، بل دائما ما أؤكد لمن يتهم شباب هذا الزمن بالعجز وقلة الحية، بأن شباب هذا العصر مسكين، ورث كوارث اقتصادية وسياسية وعسكرية، ومطالب بأن يتحرك وينجز، أنا أرى أن شبابنا اليوم مظلوم، لكنني في المقابل لا أرى أن الشكوى حل، أنا أقول ببساطة أن الحياة تحدي، ميدان سباق، وأمامك خياران فإما أن تكون كفء لتحدي الحياة، وتكافح وتصارع في بسالة، وإما أن تغلق عليك باب غرفتك وتنتظر المهدي المنتظر كي يريحك من زمانك الأغبر .. وعلى كل واحد أن يختار !.
ـ التنمية البشرية يراها البعض وكأنها الخلاص للبشرية من همومها وأحزانها !؟
للأسف هذا ما يعتقده الكثيرون، ينظر لها البعض وكأنها دين جديد سيحقق السعادة للناس، ساعد على هذا الجو الساحر، والكلمات المحفزة والحالة التي ينقلها المدرب إلى المتدربين،
لي مقال بعنوان "أضرار التنمية البشرية" بينت فيه أضرار النظرة الغير منضبطة إلى التنمية البشرية، وبأننا يجب أن نتسلح بالوعي والاتزان أمام ما يقدم لنا، ويجب أن نتمتع بحس نقدي، يمكننا من التفريق بين المضمون الجيد العملي القابل للتطبيق، وبين الشكل المبهر الساحر الذي يشبه "الكورتيزون" والذي يعطينا طاقة كاذبة، سرعان ما تخمد، والمؤسف أن يكون لها أثر سلبي على المرء .
ـ لكن مدربي التنمية البشرية يحدثونا عن النجاح وكانه قريب وسهل ؟
هو قريب نعم، لكنه ليس سهل، النجاح صعب، وله ثمن، وله ضرائب، ولا يقدر عليه سوى الجادون .
المشكلة أن ما يقدم فعلا هو نقل للمدرسة الغربية بكل أبعادها إلى وطننا العربي، ليس العيب في الاستفادة من الغرب، أنا شخصيا أدين بالفضل إلى الكثير من علماء الغرب وعلى رأسهم الدكتور "ستفن كوفي" ، لكننا يجب أن ندرك ونحن ننقل أن هناك ما يناسبنا وهناك مالا يناسبنا، ليس من ينجح في تطبيق وصفة ما بأمريكا مثلا، سينجح إذا طبقها في مصر، ظروفنا السياسية والاقتصادية قد تشكل عائقا لا يواجهة المواطن في أوربا ولا أمريكا، يجب أن نضع هذا في أذهاننا ونحن نخاطب الناس، كي نكون صادقين في نصحهم .
ـ لكن كثير من المتحدثين في التنمية الذاتية وأنت منهم يخلطوا هذا الأمر بالإسلام وكأنهم يعطوه شرعية ما ؟
جميل أن ذكرت هذه النقطة، أنا أؤكد أن هناك من يلجأ للإسلام من أجل إعطاء مشروعية لما يقدمه، فتراه يتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم القدوة، ويربط بين ما يقول وبين الإسلام حتى وإن لوى في ذلك أعناق النصوص، المهم أن يعطي شرعية لكلامه، ويستغل نقطة أن الدين مقدس لدى الناس، وهناك في المقابل مفكرين مسلمين يمتلكون الوعي كي يستخرجوا من التراث الإسلامي ما يفوقون به المدارس الغربية، أحسب ان من هولاء الدكتور "طارق السويدان" و الدكتور "علي الحمادي" والدكتور "أكرم رضا" والاستاذ "جاسم المطوع" .
إقرأ أو استمع لهم وستدرك جيدا الفرق بين الصنفين .
وحل هذا الأمر يكون بتنمية الروح الناقدة، والوعي لدى المتلقي، ليس كل من بدا كلامه بآية من كتاب الله، وختمة بحديث عن النبي الكريم بصادق أو مخلص، يجب أن نغربل هذا الشخص تماما، ونضعه على ميزان النقد العلمي، وشعارنا " نحن نعرف الرجال بالحق، ولا نعرف الحق بالرجال"، وها هي كتبي أمامك فلتبدأ بها .
ـ يعاني معظم الكتاب الشباب من أن كتبهم لا تحقق لهم ربحا معقولا، فهل الحال معك يختلف ؟
الحمد لله .. قلمي يقيني سوء السؤال .
ـ أتحدث عن كتب وزع بعضها خمسون ألف نسخة في سنتين فقط، وترجمت إلى لغات أجنبية، ومقالات بصحف ومواقع اليكترونية، وبرامج تلفزيونية ؟
ـ حنانيك .. مالا تعلمه أنني وقعت منذ سنوات عقد احتكار لأحد دور النشر، يقومون بإثرها باحتكار ما أكتب حتى مطلع هذا العام 2009، وذلك مقابل مبلغ مالي كنت في أشد الحاجة إليه، فكتبي جميعها، قانونيا تمتلكها دار اليقين للنشر، وعندما تقوم دار أجيال بطباعة كتبي فبإذن منهم أدفع بموجبه حقوق انتفاع!، أما المقالات التي أنشرها فلا أتقاضى عنها شيء وهذا أمر شائع ومعروف، وكذلك البرامج التلفزيونية، فأنا لست بنجم الفضائيات، وليس لدي مدير أعمال يتحدث مع المعدين في " الأمور المالية التافهة" !.
ـ يوجه إليك اتهام بالنرجسية من صورك الشخصية التي تضعها على كتبك، وكأنك نجم غنائي ؟!
لي ثمانية كتب كما ذكرت، وضعت على اثنان منهم صورتي، وهذا أمر فني بحت، يخضع لرؤية الفنان عبدالرحمن مجدي، صديقي العزيز والذي أتشرف بتخويله بعمل الأغلفة ووضع التصور الفني، هو الذي يقوم باختيار الفكرة، ويريني الغلاف بعد الانتهاء منه، ولم يحدث في مرة أن ان اختلفت معه في شيء إلا وظهر بعد ذلك صواب رايه، والحمد لله كتبي كتب الله لها القبول في معظم الدول العربية، ولم تسبب لي الصورة ثمة مشكلات تذكر، فهي موظفة بشكل لا غضاضة فيه، ولو كان كل من يضع صورة على كتبه نرجسي أو يتشبه بنجوم الغناء، لوجهنا هذا الاتهام إلى أفاضل من أمثال د. طارق السويدان، والشيخ الشعراوي، والدكتور زغلول النجار، د.عمر عبدالكافي !، وكلهم تزين صورهم أغلفة كتبهم .
ـ لكنك لست هؤلاء !؟
ولا ربعهم .. بل ليتني كنت شعرة بصدر أحدهم، فهم أساتذتي ولهم فضل علي، لكنني أرد على سؤالك، وأحاول أن أخبرك ببساطة أن النقاط الفنية يجب طرحها بشكل فني، قل هذا الغلاف لا يعبر عن المضمون، أو قل لي الصورة حرام شرعا، حينها سأرد عليك بشكل فني أو فقهي .
لكن أن تقول لي نرجسية .. فلا أجد ردا الحقيقة .
ـ كيف يمكننا تصنيف كتاباتك، هل هي دين، أم علم نفس، أم أدب ؟
هي وجهة نظر، أنا لم أدرس أي مما ذكرت، أزعم أني قارئ جيد للحياة، أمتلك وجهة نظر خاصة بي، أحاول تجويد آرائي بقيم ومعتقادات آمنت بها وأتبناها، قد تكون هذه القيم والمعتقدات دينية، قد تكون علمية، لا بأس في ذلك، واهيب بمن يتعامل مع كتاباتي أن يتعامل معها من هذا المنطق، أنها ليست حقا مطلقا ولا أدعي ذلك بل لا أجرؤ عليه، هي وجهة نظر من حقك أن تؤمن بها أو تكفر .. هذا رأيك وله مني كل الاحترام، فقط ما أرجوه منك ألا تسفه في المقابل وجهة نظري !.
ـ هل تخاف ؟
بلا شك أخاف، لا أحسبك تظنني خارقا فلا أخشى شيئا، أنا أخاف من نفس لا تشبع، وأخشى أن ينفرط لجامها فترديني المهالك، أخاف من تقصير في جنب الله أكفر به نعم الله التي أعجز عن شكرها، إن أكثر ما يخيفني حقا أن أحرم عناية السماء .
ـ ما هي عيوبك ؟
هذا يحتاج لمقال بل مقالات، عيوبي كثيرة، منها ما ستره الله فلا يحق لي فضحه، وهناك الكثير مما يعلمه المعارف والأصدقاء يجدر بك توجيه هذا السؤال إليهم، وأتمنى أن يكون في وجودي كي يتسنىى لي منع ما اقدر على منعه !.
حملنا أسئلتنا له .. فأجاب دونما مواربة ..
لقراءة الحوار الكاملا فضلا اضغط هنا