السبت، 4 أبريل 2009

بئر الرغبات


( بئر الرغبات .. لا قرار له )
حكمة انجليزية تذكرتها بعدما انتهت جلستي بأحد زملائي الأثرياء ، وأنا أبتسم في ألم وإشفاق !.
وسبب تذكري لهذه العبارة هو رد صاحبي علي ، بعدما سألته عن حق نفسه وأسرته وأصدقائه فيه ، وعتبت عليه انغماسه التام في العمل .

وبرغم أنه صرح لي آسفاً ، أن له روتين يومي لا يتغير منذ أحد عشر عاما ، من الفراش إلى العمل ، ومن العمل إلى الفراش . وأسر لي بأنه ذات يوم فكر في كسر هذا الروتين ، لكنه توقف حائراً وتسائل : ولكن أين أذهب ، ومع من أجلس !؟ ، فهو ـ باعترافه ـ رجل لا يتقن في الحياة سوى العمل ، وقائمة معارفه لا يرقد فيها إلا أسماء العملاء والموظفين .
ثم فاجئني بوجهة نظره وفلسفته الحياتية قائلا : لكنني أعمل من أجل عشر سنين رخاء ! ، سأقتطع من حياتي سنوات عشر أخيرة أعمل فيها كل ما أطمع فيه ، سأعوض كل من حولي حينها ، صدقتي إني أعد للأمر عدته !! .

صاحبي المسكين يتعب الآن من أجل أن يستريح غداً ، يؤجل فرحه وسعادته إلى الغد ، وآه من غدِ قد لا يأتي ..
وهنا تلح على خاطري قصة الصديقان اللذان ذهبا لصيد السمك فاصطاد أحدهما سمكة كبيرة فوضعها في حقيبته وهم لينصرف .. فسأله الآخر مندهشا : إلي أين تذهب ؟! .. فأجابه الصديق ببساطة : إلي البيت لقد اصطدت سمكة كبيرة جدا تكفيني .. فرد الرجل : انتظر لتصطاد المزيد من الأسماك الكبيرة مثلي .. فسأله صديقه : ولماذا أفعل ذلك ؟! .. فرد الرجل .. عندما تصطاد أكثر من سمكة يمكنك أن تبيعها.. فسأله صديقه : ولماذا أفعل هذا ؟ .. قال له كي تحصل علي المزيد من المال .. فسأله صديقه : ولماذا أفعل ذلك ؟ .. فرد الرجل : يمكنك أن تدخره وتزيد من رصيدك في البنك .. فسأله : ولماذا أفعل ذلك ؟ .. فرد الرجل : لكي تصبح ثريا .. فسأله الصديق : وماذا سأفعل بالثراء؟! .. فرد الرجل : سيجعلك حينما تكبر وتهرم قادراً على أن تسعد وتفرح مع أسرتك وأبنائك .
فقال له الصديق وابتسامته تغطي وجهه : هذا هو بالضبط ما أفعله الآن ولا أريد تأجيله حتى أكبر ويضيع العمر .

ليت صاحبي يفعل كهذا الصياد اللبيب ، بل ليتنا جميعاً ندرك حكمة أن تأجيل السعادة لا يفيد ، وأن التسويف قد يرتدي ثوب الطموح ليخدعنا ، فيخيل للمرء أنه يمضي من أجل غاية ثمينة ويضحي من أجلها ، وهو في حقيقة الأمر يضيع عمره ، ويقتل سنين حياته بيديه .
نحن لا نملك المستقبل ، لكننا نملك الحاضر ، وقطار السعادة قد يتعود ألا يتوقف في محطتنا إذا ما وجد منا جفاء وعدم احتفاء بمقدمه .
فلا تكن يا صديقي كصاحبي الذي ينتظر عشر سنوات أخيرة يفرح فيها ويسعد ، ولا تكن كالصياد الذي ناداه البحر فأنساه سر السعادة ، ولكن استمتع بسمكتك التي اصطدها أنت ومن تحب .. والآن .

هناك 3 تعليقات:

القمر الساهر يقول...

حكمة بليغة

من منا يضمن عمره .. من منا يضمن ان السعادة تنظتره عند هذه المحطة

والبعض يعتقد ان السعادة في جمع الاموال على امل ان هذه الموال ستوفر له القصر والسيارة الفارهة والحياة الرغداء لكن هل يضمن عمره هل يضمن صحته هل يضمن الابتلاءات العظيمة

جزاك الله خيرا

غير معرف يقول...

ما شاء الله تبارك الرحمن مدونة رائعة

محمد عبدالرحمن شحاته يقول...

فعلاً
اَه من غد قد لا يأتي
فلا بد أن يعمل ... نعم
ولكن لا يؤجل سعادته إلى اًخر جزء من عمره لأنه لايعلم هل هذا الجزء سيأتي أم لا

.......

ثانياً موضوع الروتين الذي يسير على نهجه منذ احدى عشر عاماً
كلمة الروتين عندي تعني الملل
لا بد من كسر هذا الروتين الذي يشعر الفرد بأنه اَله تعمل حسب نظام معين وبرمجه معينه اذا تجاوزته توقفت
لا ينبغي على الإنسان أن يضيع عمره بهذا الشكل كما فعل أحد الأصدقاء اللذان كانا يصطادا السمك
والاَخر يرى ان غداً قد لا يأتي لذلك لايريد ان يصغى لصديقه
وتقبل مروري