الخميس، 12 مارس 2009

بمناسبة الذكرى الـ 13 لوفاة الشيخ محمد الغزالي




” قرع على بوابة المجد ” ، بهذا العنوان المثير ، عَنوَن كريم الشاذلي كتابه .. ذلك الكتاب الذي جعل يصاحبني في القطار فترة طويلةً استمتعا خلالها بالـ 250 حكمة التي احتواها ، والتي تساعد في بناء الحياة واتساع المدارك وشحذ الهمة ، كما يقول المؤلف .




حكاية الكتاب

تعود حكاية الكتاب إلى اليوم الذي وُلد فيه الحب تجاه الشيخ محمد الغزالي والذي استطاع أن يتملك فؤاد هذا الكاتب وإما تمام الكتاب فكان بعد عشرة أعوام على رحيل الشيخ محمد الغزالي ، وفاء لروح الشيخ وتأكيده لروعة ما ترك من فكر نير وكتب نافعة .. وجهوده الحثيثة في سبيل الدعوة إلى الله ، فما كان من المؤلف إلا أن غاص في تراث هذا الشيخ مقتبساً لنا شيئا من كلماته الواعدة ، وآرائه النافذة .. وتجاربه الرصينة .

قبل القرع !

قبل أن يبحر الشاذلي في رحلته مع الغزالي ،، بدأ كتابه متسائلاً عن ماهية المجد ؟ فلخص الإجابة بأن المجد يكمن في أن نعرف الله ونُعرّفه للناس ، وبعد السؤال ، أرسى قليلاً عند بعض ” النقوش ” التي كان لِزاماً عليها أن تُطبع على بوابة المجد ،، فكان لأبو فراس الحمداني وأبو الفتح البستي واحمد شوقي وصفي الدين الحلي وإشعارهم التي تُنادي للمجد وبالمجد ، نصيباً في التقديم .

ويبدأ القرع ..

250 حكمة كانت لا تزال بالانتظار ، وبمجرد قلب الصفحة ، يبدأ القرع فيستقبلك الاقتباس الأول ليحدثك عن صناعة الرجال والكيفية ،، ثم ينتقل بك إلى قبس آخر يحدثك فيه عن الحياة وصناعتها ومنه لأخر واخر ،، فيمكث المؤلف عشرات الصفحة يستعرض تلك الكلمات حتى يقتبس لنا شيئا من الكلمات التي تهتف بالخصائص التي لا بد وان تتوفر في قاصد المجد .. ذلك الشخص الذي لا بد وان تتحصل فيه الرؤية الثاقبة والتطلعات النهضوية . ومن الحديث عن الخصائص ، تخلل الكتاب أيضا الكثير من المواعظ التي تساهم في تصحيح المفاهيم وقيادة الفرد والجماعة نحو الرقي الفكري والحضاري والنجاح في الدنيا والآخرة .

رحلة الكفاح

بعد رواج الطبعة الأولى ، وبعد أن عتب على الكاتب بعض إخوانه ، كونه لم يتعرض لسيرة الشيخ الداعية الذي اقتبس عنه تلك الكلمات الحكيمة والنصائح الذهبية .. قرر أن يُدرج ملحقاً تتميز به الطبعة الجديدة أطلق عليه : مسيرة مكافح ، جعل يتحدث فيه عن الغزالي ، طفلاً وتلميذا .. جامعياً وداعياً .. مفكراً وشيخاً ،، فتمكن أن يكسب أحاسيس القراء قائلاً :أعطوني آذانا صاغية .. وقلوباً واعية .. وأفئدة مترقبة .. فإني محدثكم اليوم بحديث تطرب له الآذان وترتاح له القلوب وتهدأ له الأفئدة ،، سأحدثكم عن رجلٍ أطاع ربه وأحب نبيه ، واخلص لدعوته .

القبسات الغزالية

رُبما هي أجمل ما يميز استعراض سيرة الشيخ محمد الغزالي انه كثيراً ما كان يوثّق مشاعره وأحاسيسه ، فحين تقصد طفولته - على سبيل المثال - تجده يُخبرك بأنه كان طفلاً عادياً بقوله : ” طفولتي كانت عادية ليس فيها شيء مثير وإن كان يميزها حب القراءة ، فقد كنت أقرأ كل شيء ولم يكن هناك علم معين يغلب علي .. بل كنت اقرأ وانا أتحرك ، واقرأ وأنا أتناول الطعام .” ربما يشعر جميعنا بقوة هذا الطفل ومنطقه ،، ولكننا حتماً سوف ندرك انه عظيم اذا ما انتبهنا أن ذلك الطفل عاش في أوائل القرن العشرين حيث الجهل والتخلف .. وكذلك كونه طفلاً لعائلة فقيرة بكل معنى الكلمة ، وربما اكثر ما يعبر عن هذا هي تلك الجملة التي يقول فيها : ” تعلمت الاقتصاد في الأوراق فليس هناك مبيضة ومسودة ، هي ورقة واحدة تلك التي تكتب والتي ستقدم للمطبعة فيما بعد وهذه الورقة لا يترك فيها فراغ ، ينبغي ان تستغل من اولها إلى أخرها .” فتشعر وكأن هذا الإنسان معك ، يشعر بك .. يعيش همومك !!!!

لحظة الوداع !

أصبحت اللحظة لحظتين ، بين لحظة توديع كتاب ٍ آخر مدهش ، وبين لحظة توديع لمُفكر وداعية إسلامي فريد ، حواها الفصل الأخير من الكتاب ولخصها بمشهد الشيخ جالسا يستمع لكلمة من احد المشاركين في مهرجان الجنادرية الثقافي وكان في الكلمة هجوم على الإسلام ، لم يتحمل الشيخ ذلك وطلب الكلمة ولما تأخرت الإجابة ، أصيب بأزمة قلبية على الفور جعلته يودع الحياة بعد أن طوى آخر صفحة من صفحات جهاده . ودُفن الشيخ في مقبرة البقيع مع الصحابة والتابعين .. في مدينة الرسول الكريم !

معلومات بالأرقام :

عدد الصفحات : 183
عدد المراجع : 35
تاريخ إتمامه : فبراير 2006
سعره : 20 شاقلاً - 5 $ - ( حسب مكتبة الصدقات ، مدينة القدس )

قبسات من الكتاب

( كلمات الداعية المُفكر ، محمد الغزالي )

حياتك من صنع افكارك - ص 13

كل ما يصنعه المرء هو نتيجة مباشرة لما يدور في فكره ، فكما أن المرء ينهض على قدميه ، وينشط وينتج بدافع من افكاره ، كذلك يمرض ويشقى بدافع من أفكاره ايضاً .

شُكرا للاعداء - ص 30

العاقل يسمع ما يقوله اعداؤه عنه ، فإذا كان باطلاً أهمله فوراً ولم يأس له ، وإن كان غير ذلك تروى في طريق الإفادة منه ، فإن أعداء الإنسان يفتشون بدقة في مسالكه ، وقد يقفون على ما نغفل نحن عنه من أمس شئوننا .

هذا هو الزهد - ص 45

ليس الزهد هو الجهل بالحياة وهجر أسباب العمل ، وقصور الباع في مختلف الحِرفِ ، وترك زينة الدنيا عجزاً عن بلوغها أو بلادة عن تذوق الجمال الذي أودعه الله فيها .ورب نبياستمتع بالمال والبنين ، وهو مع ذلك من الزاهدين ! ورب مجرم عاش يشتهي ويتلمظ ، فما كان فقره رفعة لشأنه ، ولا زيادة في حسناته .. إن الزهد ألا تبيع مثلك العليا بملك الدنيا إذا خيرت بين هذا وذاك .

المبادئ الحية - ص 97

ليست قيمة الإنسان فيما يصل إليه من حقائق وما يهتدي إليه من أفكار سامية ، ولكن أن تكون هذه الأفكار السامية هي نفسه ، وهي عمله ، وهي حياته الخارجية كما انها حياته الداخلية .

المستحيل - ص 100

مستحيل أن يجتمع أمران ، حب الراحة وحب المجد ! وطاعة النفس وطاعة الله .

إقرا - ص 118

الفقر الثقافي للعالم الديني أشد في خطورته من فقر الدم لضعاف الأجسام .. ولا بد للداعية إلى الله أن يقرأ في كل شيء ، يقرأ كتب الايمان ، ويقرأ كتب الإلحاد ، يقرأ في كتب السنة كما يقرأ في الفلسفة ، وبإختصار يقرأ كل منازع الفكر البشري المتفاوتة ، ليعرف الحياة والمؤثرات في جوانبها المتعددة .


نقلا عن مدونة عمر توك

لشراء الكتاب من سوق النور

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

كتاب رائع ومتميز رحم الله الشيخ الغزالى