الجمعة، 8 أغسطس 2008

هيء مكانا لسيارتك المرسيدس

هيئ مكانا لسيارتك المرسيدس ؟

أبغض المثالية المفرطة ، وأحب الواقعية التي تشعرني باحترام من يخاطبني لعقلي وإدراكي !.
من هذا المنطلق دعني أطلب منك يا صديقي أن تبدأ في البحث عن مكان مناسب لوضع سيارتك المرسيدس التي ستشتريها يوما ما ..!
لماذا تظنني مازحا ، أو واهما ، أو أحلق في الخيال ..
ما أود إيصاله لك في هذه الفقرة أن أحلامك الكبيرة يجب أن تنظر إليها بأهمية كبيرة ، وتراها شيء لا يحتاج سوى إلى ( بعض الوقت ) .


لمايكل أنجلوا الرسام العبقري عبارة رائعة تقول : الخطر الأعظم بالنسبة لمعظم البشر ليس في أن يكون هدفنا كبيرا عاليا لدرجة صعوبة تحقيقه ، وإنما في أن يكونا بسيطا متواضعا سهل تحقيقه ! .
نعم الخطر أن نرضى بالأحلام والأهداف المتواضعة ، بالرغم من أن قدرة معظمنا كبيرة ، ونستطيع بقليل أو كثير من الجهد أن نحقق ما ظنناه يوما ما شيء خيالي غير قابل للتحقيق .
إن المرسيدس لا تعني السيارة في ذاتها ، وإنما تعني كل حلم عظيم .
سواء كان هذا الحلم حفظ القرآن كاملا ، أو في أن تصبح مليونير ، فالأمر سيان ، حدد هدفا كبيرا وآمن به ، وابدأ في أخذ الخطوات التي ستوصلك إليه .
ولعلك لا تدرك حقيقة في غاية الأهمية والوضوح وهي أن الحلم الكبير لا يحتاج إلى مجهود أكبر بكثير من الحلم الصغير كي يتحقق .
نعم أن تصبح موظفا عاديا في دائرة حكومية ، تمارس عملا واحدا طوال سنوات عمرك ، لن يكلف أقل مما سيكلفك أن تصبح صاحب شركة أو تدير عملا خاصة .
فقط قليل من الجهد ، قليل من المخاطرة ، قليل من التعب والدراسة ، ولكن كثير من الشجاعة .

أرى هذا الأمر بوضوح مع أصدقائي من المؤلفين والكتاب ، فمنهم من يكتب كتابا رائعا وغاية أمله أن يبيع منه ألف نسخة كي يشعر بالسعادة والنجاح ، وهناك من لا يعترف بالنجاح البسيط ولا يهدأ باله قبل أن يتم توزيع خمسون ألف نسخة أوأكثر، والفرق بينهما ليس في قوة ما يحتويه الكتاب من معلومات وآراء وأفكار ، وإنما فيما يحتوي صدر كل منهما من طموح وعزيمة وإصرار .


النفس يا صديقي تهوى الراحة والركون ، والهدف الكبير يستفزها فتحاول أن تثنيك عن تحقيقه ، وتراهن على فشلها في بلوغه ، وتُظهر لك العقبات والمشكلات التي تنتظرك .
هنا يجب عليك أن تلجمها بلجام همتك ، وتثيرها بنشيد حماستك ، وتنقل لها شحنة الاصرار التي تحركك .
وستقابل بلا شك يا صاحبي من يحاول إثنائك عن تحقيق هدفك ، وخلخلة ثقتك في إمكانية الوصول إليه ، فلا تصغ إلى صوتهم ، ولا تهتم بأمرهم .


محمد بن أبي عامر كان شابا في العشرين عندما تمنى أن يصبح أميرا على قرطبة ، سخر منه أصدقائه وذكروه بأنه كاتب رقاع وأقصى ما يمكنه تمنيه ظل جدار في شوارع قرطبة يجلس إليه ليكتب رسائل الناس مقابل درهم أو درهمين .
وليست سوى سنوات قليلة إلا ويصبح محمد بن أبي عامر أميرا على الأندلس كلها لا قرطبة وحسب ، وينشى الدولة العامرية صاحبة الفتوحات الكبيرة والانتصارات الرائعة .

بل دعني أذكر لك مشهدا أثار العالم في فترة السبعينات ، ففي عام 1977 نُشر خبر مثير مفادة أن سيدة من ولاية فلوريدا بأميركا وتدعى لورا شولتز وتبلغ من العمر 63 عام استطاعت أن ترفع مؤخرة سيارة بويك لتحرر ذراع حفيدها من تحتها ، بالرغم من أن هذه العجوز لم تقم برفع شيء يزن ربع وزن السيارة الت رفعتها .
أثار هذا الأمر فضول كثيرين ، وذهبت إلى بيتها معظم وكالات الأنباء كي يجروا معها لقاءات تتحدث فيها عن تلك القدرة الخارقة .
وكان ممن اهتم بهذا الأمر أحد الكتاب المهتمين بالتطوير الذاتي وتنمية الشخصية ويدعى تشارلز جارفيلد ، فذهب إليها بيد أنه وجدها حزينة ومكتئبة ولا تريد التحدث في هذا الأمر ! ، فتودد إليها تشارلز ، إلى أن قالت له أنها حزينة جدا لأن هذا الأمر ـ رفع السيارة ـ قد حطم معتقداتها بما يمكنها تحقيقه ، وزعزع لديها بعض الثوابت الخاصة بما هو ممكن وما هو مستحيل .
وقالت له : ( إن ما يؤلمني أنني فعلت في هذا العمر شيئا كنت أراه مستحيلا من قبل ، فما الذي يعنيه ذلك ؟ ، هل يعني أن حياتي كلها قد ضاعت ولم أحقق أشياء كثيرة فيها كنت أراها مستحيل !؟) .

لقد توقفت أمام هذه الكلمة الأخيرة وسألت نفسي :
ـ هل يجب أن أرفع سيارة أو أفعل شيئا خارقا كي أثبت لنفسي أني قادر ـ وأنا في الثلاثين ـ من حفظ القرآن الكريم كاملا ؟ .

ـ ألا يجب أن أعيد النظر في مستوى طموحاتي لأرفعها عاليا ما دام تحقيقها ليس بالشيء المستحيل ؟ .
ـ هل يجب أن أولد غنيا ، أو أحترف السرقة كي أمتلك سيارة ومنزل جميل ومستوى اجتماعي يرضيني ؟ .
سبحان الله ، حتى المطمح الأخروي يجب ألا نتواضع فيه ، فهذا رسول الله × يخبرنا أن : ( إذا سألتم الله ، فاسئلوه الفردوس الأعلى من الجنة ) .

ولكل منا مطمح وأمل ، فاختر من أحلامك أكبرها ، ومن آمالاك أعظمها ، وتوكل على خالقك وسله التوفيق ، وأرنا عزيمة الأبطال .

هناك 18 تعليقًا:

غير معرف يقول...

رائعه كلماتك اخي كريم
متابع لكل مقالاتك
تقبل مروري

غير معرف يقول...

ربنا يكرمك يا أستاذ كريم رفعت معنوياتي جدااً ، وانا أتيقن جيداً اني ما دمت أأخذ بالأسباب وفي المقدمة أتوكل علي الله وليس أتواكل وأثق في قدراتي جداً اكيد ربنا مش هيخزلني ابداً

صاحبة مشروع اطفال الشوارع الذي لم يبدأ بعد ..

غير معرف يقول...

يمكن سمعت الكلام ده قبل كدا كتير نتيجة لدراستي

بس هنا طبعا الاسلوب يختلف 180% للاحسن طبعا :D

اثرت فيا اوي كلمة السيدة العجوز بجد جامده اوي اوي لدرجة اني مكسوفه من نفسي فعلا


ممكن انقل من مدونة حضرتك لمنتدى تاني مع حفظ الحقوق طبعا ووضع لينك للمدونة ؟؟

غير معرف يقول...

رائع
(ولكل منا مطمح وأمل ، فاختر من أحلامك أكبرها ، ومن آمالاك أعظمها ، وتوكل على خالقك وسله التوفيق ، وأرنا عزيمة الأبطال .
)
كلام يرن في آذاننا ويطرق أبواب قلوبنا ويدخل بلا استئذان ...ما أروع العبارة الصادقة حين تحمل سحر البيان وقوة المعنى...بوركت أناملك

أم المنذر والبشير

كريم الشاذلي يقول...

الفاضلة أن المنذر والبشير .. حياك ربي ..
مرور كريم .. وتعليق طيب ..
أخجلتم تواضعنا:)

badwi يقول...

مقال رائع مختصر يحقق كل اركان قانون الجذب

تحية اكبار اخي كريم

محمد بدوي

كريم الشاذلي يقول...

أخ محمد .. حياك الله
فعلا .. إنه كما تعلم ( السر ) :)

creative-soft يقول...

حياك الله اخى الكريم موضوع اكثر من رائع سلمت يداك

(الاعتماد على الظروف اول طريق الفشل)

تانى حاجة انا شايفة اننا نحلم احلام كبيرة ثم بعد ذلك نبدا فى تقسيمها الى احلام صغيرة نستطيع تحقيقها

وان شاء الله هبدا انى اهيئ مكان بس مش للمرسيدس هخليها بى ام ان شاء الله:)

S.M.A

كريم الشاذلي يقول...

أبو أيمن سعيد بمرورك .. جزاك الله خيرا
ربنا يجعلنا عند حسن الظن

كريم الشاذلي يقول...

صاحبة مشروع اطفال الشوارع الذي لم يبدأ بعد:)
أهلا بك .. يا رب يحقق لك احلامك كلها
مرور طيب

كريم الشاذلي يقول...

أهلا سلوى ..
انقلي ما شئت كيفما شئت .. حيثما شئت :)
ربنا يتقبل منا ومنك ..

كريم الشاذلي يقول...

أهلا شيماء ..
ربنا يكرمك ...
احلمي براحتك .. بس مش ( هامر) خليها مرسيدس ( على قدنا) :)

عفوا أنا أميرة يقول...

السلام عليكم ورحمة اللله وبركاته
دى أول مشاركه ليا فى عالم التدوين وأحمد الله أنها كانت على هذه الصفحه، أقبل لما أفتح مدونة حضرتك كنت بقرأ ايميل بعنوان كيف تحفظ القرآن بسهوله تحمست جدااا بعد قرائته وخلال تقليبى فى صفحات النت بدأت أقول طيب نصف القرآن كفايه أو حتى تلته هو أنا هطمع بس بجد بعد لما قرأت كلمات حضرتك الرائعه دى لن أقبل بأقل من القرآن كاملا، جزاك الله خيرااا دعواتك بإتمام حفظ القرآن

كريم الشاذلي يقول...

مرحبا اختي ساجدة للرحمان
بوركت وبوركت همتك
الله يوفقك يا رب وتكوني من حملة القرآن
وعليك بالدعاء ,,, والهمة العالية
تحياتي

Unknown يقول...

آمن به

كثير من الشجاعة .

=========

رائع هذا الموضوع أحييك بشده جدا عليه :)

فعلا .. أفكارنا تصنعنا و طموحنا يشكلنا .. و علي قدر أفكارنا و طموحاتنا نكون :)

غير معرف يقول...

جميل جدا .. اسلوب راائع وتسلسل متقن
لكن .. كثر من المنايا تحت الحوايا؟

ماذا نفعل بعد تكسير المجاديف من قبل المجتمع الاصم؟!

Ravan يقول...

يا الله كم أتفائل لمجرد معرفة أن هناك في هذا العالم من يفكر مثلي ..
أتفق مع الكثير ممن علقوا أن المحيط و المجتمع عوامل تكسر مجذافك و تحبطك قدر استطاعتها كي تؤكد لك أنك لا تستطيع أن تصبح شيئاً لم يستطيعوا هم أن يصبحوه ..
و لكن المقاومة المستمرة لمثل تلك الأفكار و المتابعة الدائمة لأشخاص مثل كريم الشاذلي سوف توصلنا إن شاء الله على الأقل إلى مرسى نستطيع معه أن نحلم بكل حرية و نتمنى أن تصبح أحلامنا حقيقة يوما ما إن شاء الله.

غير معرف يقول...

كلام ممتع و صريح يضع الملح على الجرح ويعري النفس البشرية امام عين صاحبها اتمنى لك النجاح التام
لكن الذي لم افهمه جيدا او قل فهمته انا خطأ هو نموذج المعاق عند خانة تاكيد الكلمة
لم اشأ التسرع في حكمي لكننا معشر ذوي الاحتياجات الخاصة حساسون جدا من مثل هذا التعريض
كما قلت من قبل اتمنى لك النجاح