اضبط انفعالاتك واكسب شريكة العمر
تبدأ السعادة الزوجية بمعرفة كل طرف واجباته وحقوقه، وأهم خطوات نجاح تلك العلاقة السامية إدراك ثقافة المعاشرة ونبذ السلوكيات الخاطئة والعصبية الزائدة التي تفضي إلى متاهة الخلاف.
«كيف تسيطر على حياتك العاطفية وتكسب شريك عمرك؟» عنوان كتاب صدر حديثاً للباحث كريم الشاذلي، يطرح خلاله أهم خطوات نجاح الحياة الزوجية والطريق إلى السعادة والاستقرار بتنحية الخلافات جانباً لتجاوز العقبات والتمتع بالثقة ومشاعر المودة والرحمة.
يؤكد الشاذلي أن ثمة من يستطيع أن يحوِّل مشاكله إلى فوائد ويستشعر السعادة من خلال إدراك مغزى هذا الارتباط الذي يوثق علاقته بشريك العمر وأنه لولا الخصام والإعراض ما كان الرضا ولولا الدفع ما كانت الحركة، فالتجربة اختبار للمشاعر التي تتوطد بتجاوز الخلافات ومحاولة حلها بهدوء ومن دون عنف والإنصات باهتمام لوجهات النظر من دون سخرية أو استهزاء، وكما يقول المثل الإنكليزي «تجربة آلمتني وتجربة علمتني».
ينصح الشاذلي بمحاولة الزوجين احتواء المشكلة والتي تجعل كل طرف يخرج منها بخبرات تعينه على الحياة المقبلة، حيث كل الخلافات الزوجية ترجع إلى أسباب محورية منها الاختلاف الفطري، فالرجل له صفات تختلف عن المرأة من ناحية السلوك وأسلوب التعامل، لذا يجب أن يتفهم كل طرف «مزاج» الآخر ويختار الوقت المناسب للنقاش في أمور تخص حياتهما الزوجية.
تبدو مسؤولية الزوجة أكثر أهمية في توفير عوامل الاستقرار والهدوء داخل المنزل، وشعور الزوج العائد من عمله بالارتياح بعد الإرهاق، بدلاً من دخوله في دوائر توتر وقلق، مما يؤثر في تعامله مع زوجته ويجعله أكثر عصبية وتزداد حدة الخلاف بين الطرفين.
اختلاف فطري
يعد الاختلاف الفطري من أهم مسببات المشكلات الزوجية، فإذا كان أحدهما عصبياً وانفعاله زائداً، اشتعلت الخلافات البسيطة وكثرت التفاصيل اليومية والذي لا يجيد التعامل معها بهدوء تؤثر في سلامته النفسية والصحية. يأتي أيضاً الفهم الخاطئ لطبيعة العلاقة الزوجية ومحاولة إلغاء شخصية الآخر ورغباته في التعبير عن ذاته وعدم التعامل معه كمحور مستقل له طبيعته الخاصة وغياب التفاهم حيال المعاشرة الزوجية، كلها مشكلات خطيرة تواجه الزوجين وتنبع خطورتها من الجهل بأسسها والاعتقاد الخاطئ لدى الطرفين بأنها مسألة يخجل منها، من دون إدراك أنها الركن الأساسي في العلاقة الزوجية حسب ما نصت عليه جميع الأديان السماوية.
يوضح الشاذلي أن فقدان ثقافة المعاشرة من أبرز المحاور التي تنشأ منها المشكلات الزوجية ونجد أن معظم الخلافات التي يشكو منها الزوجان تندرج تحت هذه المحاور، مثل تدخل الأهل المستمر والقسوة والأنانية وكلها تنبع إما من الفهم الخاطئ أو جهل الحقوق أو سوء الخلق. كذلك عدَّد ثلاثة أنواع للمشاكل الزوجية الظاهرة وهي الإهانة المباشرة والخفية، كالغضب والحنق، والعابرة، كالسخرية والاستهزاء، والدائمة، كالبخل والعصبية.
يطرح الشاذلي سؤالاً على الأزواج عن أوجه الاستفادة التي ستعود عليهم من المشاكل الزوجية، فيسوق مثلاً شعبياً يقول: إن المشكلات الزوجية «كالبهارات» تعطي الحياة طعماً ورائحة، مؤكداً أن المشكلات الزوجية تزيد محصلة التجارب الشخصية وتعلم مواجهة ضغوط الحياة المقبلة، كذلك لها فوائد نفسية تتمثل في أن يتمكن كل طرف من إخراج ما في داخله من انفعالات وتوتر ليصبح هادئاً بعد ذلك، شرط أن تكون انفعالات محسوبة لا تتسبب للطرف الآخر بأية إساءة، وهي وسيلة لإفراغ الكبت الداخلي، فيستطيع الطرفان التغلب على مشاكلهما واكتشاف الحب في داخلهما.
المشاكل الزوجية وقفة تأمل، فمع زحمة الأحداث اليومية يحتاج كلا الزوجين وقتاً كي يراجعا حياتهما ويقوّما مسيرتهما الزوجية.
المشاكل الزوجية وقفة تأمل، فمع زحمة الأحداث اليومية يحتاج كلا الزوجين وقتاً كي يراجعا حياتهما ويقوّما مسيرتهما الزوجية.
رعاية وحنان
هناك بعض الآثار السلبية التي تنتج من المشكلات الزوجية، بخاصة إذا تمت على مرأى ومسمع من الأبناء، لأنها تسبب لهم أضراراً نفسية بالغة، لذلك يجب أن تكون في أضيق الحدود لتدارك الانفعالات الزائدة كي تتلاشى قبل أن ينتبه لها الصغار الذين يتمتعون ببراءة المشاعر ولا يدركون معنى للصراخ أو الشجار وبذلك يفقدون الثقة ويلوذون بالصمت وعدم القدرة على التعبير عن ذواتهم.
يؤكد الشاذلي أهمية الاستقرار الأسري في مستقبل الأبناء بل والتأثير في مستوى الذكاء وتنميتهم عقلياً وثقافياً ونفسياً في إطار من الرعاية والحنان يكفل لهم حياة سعيدة ويوثق الارتباط الوجداني بآبائهم وأمهاتهم ويعمق في داخلهم مشاعر الاحترام والمحبة والثقة في النفس.يكفي أن يعرف كل طرف واجباته وحقوقه، ساعياً الى إسعاد الآخر وتفهم طبيعة الاختلاف الفطري الذي تنشأ عنه المشكلات الزوجية، فيكتسب خبرات التعامل مع الطرف الآخر من دون توتر أو سخرية ويحاول الوصول إلى نقاط اتفاق تفضي إلى تلاشي الخلافات وعودة الهدوء والسعادة إلى عش الزوجية.
المصدر : جريدة الجريدة الكويتية العدد 350 - 07/07/2008
هناك تعليقان (2):
مقاله فى منتهى الروعه .. ولكن من الواضح إنها لن تضاهى روعه الكتاب .
موضوع هام .. ليس فقط لمكسبنا شريك عمرنا .. بل لمكسبنا صحتنا النفسيه واسرتنا وأيامنا .
شكرا لك اخى كريم ..
موفق بإذن الله دائما ..
مقالة رائعة وليس هذا بجديد عليك اخى الكريم
وفعلا الموضوع ده بيطرح مشكلة الا وهى الاختلاف ما بين الاثنين فكل واحد منهم يريد ان يتغير الثانى كما يريد هو وانت كنت اتكلمت عن الموضوع ده قبل كده وبتوقع ان دى اكبر مشكلة ممكن تواجه الطرفين
غير كده لازم ندرك ان الحياه لا تخلو من المشاكل وان ده امر طبيعى ولازم يكون عندنا ثقافة للتعامل مع تلك المشكلات ومواجهتها
شكرا مرة تانية اخى على المقالة
إرسال تعليق